كلمات شهيد حي " شهيد يضحك على أعداءه
رســــــــــالة إلـــــى المـــــجرميــــــــن
إن الموازيين التي يتعامل بها البشر مختلفة متنوعة متباينة ولهذا سبب وهو التفاوت العلمي والمعرفي والثقافي
فبعضهم لا يتعدى تفكيره أرنبة أنفه و ميزانه فرجه .., والبعض قد علا قليلاً في تفكيره وميزانه حتى بلغ المستوى الذي يعيش به الناس فقبلهم وقبلوه .., هذا على مستوى الأفراد .., أما على مستوى الجماعات من " دول , ومؤسسات , وتنظيمات .." فغالباً تتجاوز كل هذا حتى المستوى البسيط في وزن الأشياء , وخاصة أن المعركة هي معركة إسلام وكفر , فتجدهم يتجاوزن في تعاملهم مع البشر حتى ينزلوا معهم إلى أقل بكثير من المستوى البهيمي .., وهكذا جند الشيطان على مر العصور ,
منذ أن تكبر سيدهم إبليس أن يطع أمر ربه ويسجد لآدم سجدة واحدة , و وزن بميزانه الخبيث المجحف , فقال : أنا خير منه .., ونحن نقول له : ما علاقة , الخيرية في اتباع الأمر ؟؟؟ .., خلقتني من نار وخلقته من طين , فقاس بعقله البسيط وقدم الهوى على العبادة , ولا شك أن الطين خير من النار .., لقد قاس إبليس عندما ضعف علمه وقل أدبه و أعرض قلبه .., في إشارة إلى أن عباد الله الطائعين الخاضعين لابد أن تكون موازينهم شرعية قرآنية نبوية حتى تسموا بأنفسها وبالناس معهم ...,
لقد درج أهل الكفر على هذه العقليات الصغيرة و بقي لهم في كل محفل شعار ودثار " اسخروا من أهل الإيمان . . . "
قال قوم نوح لنوح عليه السلام , أأصبحت نجاراً بعد أن كنت نبيا ؟؟؟ .., كيف تصنع فلكاً في الصحراء أذهب عقلك , ثم يتبعون ذلك بقهقهات , وأصبح نوح حديث المجالس الشركية المعرضة , ولكنه كان يجيبهم وهو المصدق لوعد الله المؤمن بقضاءه الطائع الذي لا يختار " إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم " العبرة ليست بالمقدمة ولكن بالمضمون , وليست بالبدايات ولكنها بالخواتيم و النهايات ..,
إن أهل الكفر على مر العصور أخذوا على أنفسهم العهد أن يقفوا في وجه الدعوات التي تصل العباد بالله ولسان الحال " لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين " و ودت الزانية لو أن كل النساء زواني ..., حتى في إيصال الدعوات و إن صغرت " لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون "
لم يستمع أهل هذا التفكير الضيق البسيط حتى مجرد السماع لحجج الحق النارية لأنها حارقة قاتلة .., لقد تعاملوا مع الأنبياء منذ نوح عليه السلام و إلى محمد صلى الله عليه وسلم تعامل ذلك الطفل الصغير الذي لم تتبلور في رأسه الفكرة بعد ولم تنضج فاختلت موازينهم و انقلبت مفاهيمهم و فسدت عقولهم ..,
إن السخرية من أهل الإيمان هي سنة المجرمين مع أقوامهم ممن عارضهم في توجهاتهم وأهدافهم ,
فلم يكتفي أهل الإجرام باجرامهم حتى يزيدوا عليه محاربتهم لأهل الإيمان بكل سلاح الجسدي الحسي والنفسي الروحي ..., وهكذا حال من لم تذق نفسه الطمئنينة يظن أهل الإجرام أنهم أحرار والحقيقة أنهم أسارى في أجسادهم قد غلت قلوبهم و ألقيت في جب غوره بعيد مظلم موحش لا تسمع فيه همساً إلا تحرك هوام الأرض .. أصبح قلبه هامة من الهوام ... والعياذ بالله ..,
إن القلوب الموحشة لا ترضا أن تعيش في وحشتها حتى تنقلها وكأنه سرطان يسري و سم يهري .., لن ترضا تلك القلوب بأن تبقى الوحشة حبيسة في ذلك القلب وتلك النفس بل لابد أن تنقل معركة الوحشة تلك إلى الواقع ومن يعيش في الواقع .., في رسالة صارخة للغرباء , تقول لهم : هذه سنة الأنبياء .., " بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ فطوبا للغرباء " ..,
إن أهل الإجرام لم يعلموا بعد بأن إجرامهم شكّل حاجزاً وغلافاً و رآناً على قلوبهم فأصبحت كالكوز مجخياّ , لا تعرف معروفاً ولا ما تنكر .., لقد حجزهم الإجرام عن سماع الحق وبقاءهم مع أهله فعميت أعينهم و ضرب عليها فلا ترى إلا واقعاً ظلامياً كالحاً .., فبؤساً لهم ولأفكارهم وأعينهم وإجرامه ..,
وإذا نظرت إلى حال أهل الإجرام تجد أن الله حكى حالهم في سورة المطففين .., وبين هذا المعنى الذي نذكر , فقال تعالى إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ. . . " وهنا تجد أن أهل الإجرام لم يضحكهم من أهل الإيمان إلا من واقع التسليم الذي كانوا عليه فعندما سلم أهل الإيمان القلب والنفس للخالق تحرروا من تبعية الشيطان فكانوا أحراراً على الحقيقة وليست حرية الأسرى منهم فإن حريتهم حتماً سترسلهم إلى الجحيم .., لقد سخروا منهم وكأنهم الأعلى وهم الأسفل و الأكثر وهم الأقل و الأعز وهم الأذل ..,
سخروا منهم لأن لهم نظاماً يحكم حركاتهم وسكناتهم ويفصل في الخصومة بينهم بنما حياة أهل الإجرام خروج عن النظام الذاتي والمجتمعي وليس لهم ما يحكمهم وليس عندهم حدود تأخذ لضعيفهم الحق من قويهم .. أصبحوا يعيشون في غابة بشرية متوحشة موحشة ..,
" وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ..." يتغامزون ويتهامسون ويعلنون ويسرون وكأنهم يقولون لو كان لهذا الشعر النتن الذي على أجسادنا لسان لسلطناه عليكم ولو كان له بنان لضربناكم به .., فنحن وجميعنا وكلنا نسخر منكم بكل وسيلة صغيرة وكبيرة قديمة جديدة مؤثرة وغير مؤثرة ... , "
والغمز: إرخاء الجفن والحاجب استهزاء وسخرية، أو لغرض آخر يعبر به عن شيء بين الناس، إما خير أو شر، وأكثر ذلك إنما يكون على سبيل الخبث. ويأتِ الغمر : بأنه العيب ..,
وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ : وفي قراءة فاكهين : أي : معجبين بسخريتهم لأهل الإيمان ..., " وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ" وهنا تظهر الموازيين الشيطانية فالسورة نزلت لتذم المطففين الذي إذا أخذوا لأنفسهم أخذوا الحق والزيادة وإذا كالوا لغيرهم بخسوا الحق الذي لهم .., وليس بعد هذا الخسران خسراناً أن يكون الإجحاف إلى حد ينظر أهل الإجرام إلى إجرامهم بأنه هدى وصلاح .., " وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا " " وبدى لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " ..., نعم ضل الثابتون الطائعون أصحاب القيم والمبادئ عندما لم تضلهم الفتن لكثرة الضالين .., ضلوا عندما وقفوا سدوداً وحصوناً وكانوا حدوداً أمام أهل الزيغ والإنحراف والضلال , ضلوا عندما تحررت أنفسهم و اتصلت مباشرة بالخالق ولم تجعل بينه وبينهم الوسائط ولا استرضاء الخلق ولا طلب الدنيا بالمواقف والكلمات و الأحكام ...,
" وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ" وهنا رد الله عليهم بأنهم لم يرسلوا حفظة على العباد بل هم المرسول إليهم فكيف يترك الرسالة المرسول ويصبح حافظاً رسول إن هذا شر ترويه الكتب و تنطق به السطور ...,
" فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ " جزاءً وفاقاً .. من يعمل سواءً يجزا به .., نعم سيضحك أهل الإيمان من أهل الإجرام لأنهم آمنوا بالغيب و انقادت انفسهم للشرع .., اليوم الحقيقي الذي لا عد فيه ولا حساب ولا يقال لك فيه لقد نقص من عمرك شيئاً ولا من نعيمك شيئاً هو ذلك اليوم الذي تنجوا فيه من النار وتدخل فيه الجنة ثم تتنعم بأنواع وأشكال النعم , اليوم الحقيقي الذي لا كدر فيه ولا ضيق ولا حزن وهم ولا كرب بين الأهل والأصحاب والأحباب .. في ذلك اليوم يحلوا الضحك , ضحك مع نعيم وصفاء روح ونفس , وليس كضحك أهل الإجرام مع كدر وضعف ومرض وهم وجوع ..,
ضحك أهل الجنة وهم على الأرائك و على أيمانهم والشمائل حور حسان لم تر العين مثل جمالهن وحسنهن و دلالهن .., ليس كضحك أهل الإجرام ضحك مع الفاجرات اللاتي قد إمتلأن بالأمراض والأعراض وفاح منهن النتن واختلط على المتمتع فلا يدري أيلتذ بها أم ينفر منها أم يبكي حزناً عليها ..,
هناك يحلوا الضحك و يعظم الألم حينما يتذكر أهل الإجرام أيام إجرامهم , تخيل أيها المجرم : وأنت في النار وتسمع تلك الضحكات ممن كنت تضحك منهم وتسخر ,
و العذاب يحيط بك من كل جانب والنار تلفحك وتحرق فؤادك ومخلوقات العذاب في النار تحفك وتمسك بك و تأكل منك و الحجارة تسّاقط عليك والقيح والصديد يخرجان منك والدم يسيل و يصبح ضرسك كجبل أحد فكيف بجسمك ... عذاب جسدي و آخر نفسي .., ثم تسمع الضحكات تلو الضحكات , يا الله أهذه ضحكات من ؟؟ .., إني لأعرف هذه الأصوات ؟؟؟ .., لقد كنا نضحك على أصحابها في الدنيا ونتغامز ؟؟؟؟ ..,
رب الموت خير لي من الحياة , الموت خير لي من الحياة .., " ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك ** قال إنكم ماكثون " .., بقاء في حياة مهينة بئيسة وضيعة في عذاب متنوع متجدد " كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب " .., ذلك ثمن الضحكات الساخرة المعادية لأهل الإيمان في الدنيا ..., و اليوم بعض من طمس على بصيرته يتشبه بأهل الإجرام ويضحك من المجاهدين ويلمز ويتغامز.., فيقال لهؤلاء : إنا نخشى عليكم أن يصيبكم مثل ما أصابهم فتخسروا كما خسروا .., وإن هذه الضحكات لن تنفعكم عند الله بل هي أغلال في أعناقكم فقد جاءكم القرآن و الدلائل المحذرة من اتباع سبيل المجرمين أو حتى مقاربتهم أو أكثر من ذلك الركون إليهم و المدافعة عنهم فكيف تشابهونهم وأنتم من يدعي محاربتهم .. أتؤمنون ببعض وتكفرون ببعض ؟ ؟ ؟ ..,
وعندما تجاوز أهل الإجرام حدود السخرية والضحك إلى التدمير والتقتيل , و لم يراعو في ذلك خالقاً ولا مخلوقاً , وقد استجمعوا في ذلك كل وسيلة من شأنها مدافعة الدعوات وأهلها .., كان جزاءهم أن يضحك عليهم الشهداء في الدنيا قبل الآخرة .., ولما يكون من الضحك منهم في الأخرة أعظم وأشد ..., ضحك الشهداء وقد ضرجوا بالدماء , ضحكوا وقد فازوا ولسان الحال " فزنا ورب الكعبة " , ضحك الشهداء ولن يضحك غيرهم عند قلتهم لأنهم رأوا النعيم قبل أن يلتذوا به ..,
قال عليه الصلاة والسلام " ويرى مكانه من الجنة " ورؤية الجنة ونعيمها تنسي كل ألم يصيب الجسم فالعذاب والنعيم تشعر به الروح قبل الجسد .., ضحك الشهداء من هؤلاء المجرمون حين طاردوهم وحاصروهم وخططوا لغتيالهم , وما دروا أن هذه منيتهم وهذا طلبهم و ذلك تعرضهم , ما درى أهل الإجرام في ملاحقتهم لأهل الإيمان أنهم سبب في إرسالهم للجنات و التنعم بالحواري الفاتنات و أعظم من ذلك التلذذ برؤية رب البريات .., أتدري أيه المجرم ويامن تتشبه بالمجرم بأن هؤلاء الذين تضحك منهم هم في الحقيقة الذين ضحكوا منك .., عندما جهلت ما علموا فتركت العمل و أصبت بالهوان والذل والكسل ..,
ضحك الشهيد على القعيد وقد أقعدته الذنوب بينما الشهيد في المغفرة مغموس " يغفر له عند أول دفعة من دمه " ضحك الشهيد على المجرم وقد حجزه إجرامه و ضحكه واستعجاله على تأخيره حتى يكون في النعيم , فضحك النعيم له لذة . . . فاز الشهيد وانتصر على أعداءه عندما عرض وغرر بنفسه فقتلوه فضحك عليهم , فإن الشهادة طوق نجاة من أمواج العذاب الدائرة ...., فمن أراد أن يلتذ بالضحك على المجرمين حال الحياة وفي الجنات فعليه بالجهاد فإنه نعم العبادة , و نعم الجزاء جزاؤه و الثمرة ثمرته و النعيم المقدر نعيمه ..,
فحي على جنات عدن فإنها منازلنا الأولى وفيها المخيم . . . ,
أبو عبد الله المهاجر
دولة الإسلام في العراق والشام