تمهيد :
جاءت السُّنة بأنواع كثيرة من الأذكار تستغرق اليوم كله وتنقسم إلى قسمين مطلقة ومقيدة :
الذكر المطلق : وهذا القسم يكون المسلم عاملاً به متى ما ذكره صباحاً أو مساءً، متوالياً أو متفرقاً شريطة أن يكون في اليوم والأفضل أن يأتي به أول النهار.
الذكر المقيد : وفيه أقسام
أولا : المقيد بالصباح والمساء :
ذكر الصباح يبدأ من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، هذا هو المشهور، وهو الذي مال إليه شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - وكذلك رجحه ابن القيم في كتاب "الوابل"، وهذا ظاهر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - يعضده ما رواه الترمذي من حديث أنس بن مالك، ورواه الإمام أحمد أيضًا من حديث أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لأن أجلس مع قومٍ يذكرون الله من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، أحبُّ إليَّ من أن أعتق أربع رقاب، ولأن أجلس مع قوم يذكرون الله من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، أحبُّ إليَّ من أن أعتق أربع رقاب).
وأذكار المساء تكون من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، هذا هو المشهور.
ثانيا : الذكر المقيد بالأعمال
كالذكر دبر الصلوات المكتوبات وعند النوم وعند دخول المنزل والخروج منه إلى غير ذلك ، وتناول البرنامج في هذه النسخة الأولى الذكر دبر الصلاة المفروضة فقط.
ثالثا: المقيد بالليل
الأذكار التي تُقال في الليل غير الأذكار التي تُقال عند النوم؛ لأن ما يُقال في الليل مُقيد بالليل وليس بالنوم.
تنبيهات عامّة :
-أما قول ((أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق)) فهذا الحديث صحيح في ذكر المساء فقط . كما جاء عند الإمام مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الرجل الذي لدغته عقرب فقال صلى الله عليه وسلم : (( أما لو قلت أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق ما ضرك شيء )) . وأما قول أعوذ بكلمات الله التامة ثلاثاً : فلا يصح ، قد رواه الطبراني وغيره من حديث محمد بن إبراهيم وهو اخو معمر عن محمد بن أبي بكر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه : وذكر التثليث وفيه محمد بن إبراهيم لا يعتد به وهو غير معروف .
-ومما جاء مما هو معلول ما رواه الطبراني وابن السني من حديث الأغلب بن تميم عن الحجاج بن برابصه عن طلق من ذكر الصباح والمساء مرفوعاً قول : ((اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم )) هذا في إسناده الأغلب بن تميم قال البخاري : منكر الحديث .
- ومما يستنكر ويورد في هذا الباب قول (( حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم )) سبع مرات وهذا الحديث : ضعيف قد رواه أبو داوود في سننه من حديث عبدالرحمن بن عبدالمجيد عن هشام عن مكحول عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- وإسناده منقطع فإن مكحول لم يدرك أنس بن مالك رضي الله عنه كما قال ذلك الإمام أحمد وعبدالرحمن بن سليمان . وقد رواه أبو داوود في سننه من حديث محمد بن مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه وفيه جهالة أيضاً .
- ومما يضعف أيضاً قول (( اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحدٍ من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك )) هذا الحديث قد رواه أبو داوود في سننه من حديث عبدالله بن عنبسه عن عبدالله بن غنام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال أبو زرعه : لا نعرفه إلا من حديث عبدالله بن عنبسه ولا يعرف ، قال أبو حاتم : بعضهم يقول عبدالله بن عنبسه عن عبدالله بن غنام وبعضهم يقول : عبدالله بن عنبسه عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما ، قيل له أيهما أصح قال : لا هذا ولا هذا كلاهما مجهول .
- ومما يضعف أيضا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عشراً في الصباح والمساء كما رواه الطبراني وغيره من حديث خالد بن معدان عن ابي الدرداء رضي الله عنه : وفيه إنقطاع خالد بن معدان لم يسمع من أبي الدرداء رضي الله عنه، فالصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام مستحبه مطلقاً من غير تقييد بصباح أو مساء .
- ومما جاء مما هو مضعف القول ((اللهم عافني في بدني وعافني في سمعي وعافني في بصري )) تقدم أن في إسناده جعفر بن ميمون يرويه عن عبدالرحمن بن أبي بكره عن أبيه ، وجعفر بن ميمون ليس بالقوي .
هذا من أشهر ما ذكر وهناك كثير مما هو مطروح من باب الواهي والمردود ومما ينبغي أن يتنبه له أن الإنسان ينبغي أن يذكر هذه الأذكار موقناً بها مستحضراً لمعانيها وهذا ما يغفل عنه كثير من الناس فيسردون الأذكار من غير تدبر لذلك يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في سيد الإستغفار قال : (( من قالها موقناً بها )) واليقين يكون مع إستحضار قلب ولذلك الله سبحانه وتعالى لايقبل من قلبٍ ساهٍ لاه معرضٍ عنه سبحانه وفي هذا كفايه والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
و الله تعالى أعلم.