كميات كافية منه يوميا منذ الصغر تحمي كثيرا من مشاكل ضعف بنية العظم في الكبر
حقيقتان جديدتان طرحتهما هذا الأسبوع دراسة فنلندية عن دور تناول الكالسيوم وكيفية الاستفادة منه، فهي تقول أولاً ان تناول الفتيات للكالسيوم بكميات إضافية فوق ما ينصح به يوميا يقوي بنية العظم وتماسك مكوناته إذا ما تم تأمين ذلك ضمن مكونات الغذاء الصحي من مصادره الطبيعية وليس من حبوب الكالسيوم الدوائية، والثانية تقول ان تناول الأطفال من الجنسين للكمية اليومية الكافية من كالسيوم الغذاء هو كل ما يجب عليهم لأن تناول كميات إضافية فوق التي ينصح بها لا فائدة منه، سواء من الغذاء أو الحبوب الدوائية.
والواقع أنه لا تزال بعض حقائق الطب على بساطتها الظاهرة تحتاج إلى مزيد من الدراسات لتوضيح الأسس العملية العلاجية في استخدامها كنصائح علاجية، فالكالسيوم مثلاً من المعلوم أنه ضروري وأساس في بناء العظم، والمنطق يقول أن الإكثار من تناوله يجب أن يؤدي إلى بناء العظم بشكل أقوى وبالتالي يقي من هشاشة العظام، لكن الدراسات تقول خلاف هذا ومن هنا تنبع أهميتها لتوضيح كيفية تحقيق هذا. الطب لا يُبنى على أسس نظرية مجردة، بل على دراسات تجريبية مشاهدة تختبر الفرضيات ومن ثم تثبت النظريات السليمة وتنفي الفوائد المزعومة.
الباحث الرئيس في الدراسة الفنلندية التي نشرتها المجلة الأميركية للتغذية الإكلينيكية في عدد نوفمبر الدكتور سولين تشينغ من جامعة جايفسكايل في هولندا علق على الأمر قائلاً: قمنا بإجراء دراسة كي نعلم كيف نرفع الى أقصى حد ممكن من كتلة عظام جسم الأطفال خلال فترة النمو السريعة أثناء مرحلة المراهقة والتي يتكون فيها حوالي 60% من كتلة عظم البالغين وذلك بغية زيادته كي نحمي البالغين من فرص نشوء مرض هشاشة العظم في المراحل المتقدمة من العمر. وخلال عامين من المتابعة لحوالي 200 فتاة تتراوح أعمارهن ما بين العاشرة والثانية عشرة من العمر ممن كان مقدار تناولهن اليومي للكالسيوم أدنى من الحد المنصوح به لمجلس التغذية القومي أي أقل من 900 مليغرام يومياً. وقام الباحثون بتقسيمهم الى أربع مجموعات بشكل عشوائي، المجموعة الأولى تناولت 1000 مليغرام من حبوب الكالسيوم الدوائية، والمجموعة الثانية تناولت 1000 مليغرام من الكالسيوم كحبوب بالإضافة الى 200 وحدة من فيتامين دي، والمجموعة الثالثة تناولت 1000 مليغرام من الكالسيوم على هيئة جبن قليل الدسم، والمجموعة الرابعة تناولت حبوباً مزيفة على أنها كالسيوم وهي ليست كذلك، ثم تمت المقارنة بين هذه المجموعات الأربع حول تأثير تلك الأنظمة لتناول الكالسيوم على بنية وتركيب العظم.
النتائج كانت مذهلة وموضحة للمصدر السليم في اختيار تناول الكالسيوم وكمية وكيفية ذلك، ولذا يقول الدكتور تشينغ وجدنا أن من يتناولون الجبن كمصدر للكالسيوم هم أكثر استفادة من كل المجموعات الأخرى لجهة تحقيق قوة العظم وزيادة مكوناته النافعة. وحينما أخذنا بعين الاعتبار مرحلة سرعة نمو العظم وجدنا أن لا فائدة لتناول الكالسيوم بكميات كبيرة في المجموعات الثلاث الأولى مما يعني أن تجاوز الكمية المنصوح بتناولها لا يفيد كثيرا في الحاضر أو المستقبل طالما أمنت الكمية اللازمة بشكل يومي.
وهو ما طرح على المجتمع الطبي تساؤلات حول جدوى زيادة تناول الكالسيوم بل وكيفية الحد منه بالنسبة للأطفال، فالكالسيوم هو أحد المعادن المهمة والتي تشكل جزءاً أساسياً في بناء العظم كما أنه ضروري لكثير من العمليات الحيوية في الجسم كالتي في العضلات كعضلات الجسم التي ترتبط بالعظام والمفاصل إضافة الى العضلات الأخرى كعضلة القلب والرحم وغيرها، وكذلك مهمة في عمل الجهاز العصبي والغدد.
الحصول على كميات كافية وبصفة يومية منذ الصغر يحمي كثيراً من مشاكل ضعف بنية العظم في الكبر. والنصائح من هيئات الغذاء في الولايات المتحدة وكندا اليوم كالأكاديمية لطب الأطفال الأميركية وغيرها تقول:
ـ الأطفال ما بين سن سنة وثلاث سنوات يحتاجون حوالي 500 مليغرام يومياً منه. أي كوبين من الحليب.
ـ الأطفال ما بين الرابعة والثأمنة من العمر يحتاجون 800 مليغرام منه يومياً أي حوالي 3 أكواب حليب.
ـ الفتية والمراهقون ما بين سن التاسعة والثأمنة عشرة وكذلك البالغون من الرجال يحتاجون 1300 مليغرام منه يومياً أي حوالي أربعة أكواب حليب.
ـ النساء الحوامل والمرضعات يحتجن حوالي 1500 مليغرام يومياً. ولأن الحليب يحتوي على كميات جيدة من الكالسيوم فإن من يتناوله من الأطفال والمراهقين يحقق بسهولة تناول الكمية اليومية المطلوبة منه ويجب أن لا يكون هناك مشكلة، لكن المشكلة هي لدى الأطفال ممن هم حساسون للحليب أو لا يحبونه فهناك مصادر أخرى له. فكمية الكالسيوم في كوب من الحليب 300 مليغرام، وكوب من الشوفان المطبوخ 120 مليغراما، وفي حوالي 50 غراما من جبن الشدر 300 مليغرام، و 250 غراما من لبن الزبادي 300 مليغرام، ونصف كوب من البطاطا 50 مليغراما، وكذلك نصف كوب من الفاصوليا 120 مليغراما، وعشرة ثمار من التين 170 مليغراما، وبرتقالة واحدة 50 مليغراما، و 90 غراما من سمك الساردين بعظمه حوالي 370 مليغراما ونفس الكمية من الروبيان 150 مليغراما، وكذلك الخضار الورقية الخضراء والعدس والمشمش والأسماك وغيرها فإنها كلها مصادر غنية للكالسيوم لمن لا يتناول الحليب أو يصعب عليه ذلك.
تناول الكالسيوم من الغذاء هو ما تتحقق به الفائدة للجسم ومصادره الغذائية هي من ضمن الأغذية الشائعة والمتوفرة، لذا من الصعب فهم لماذا يحصل نقص الكالسيوم في الجسم نتيجة قلة تناوله، والأمر حينها يعكس اضطراباً واضحا وواسعاً في النظام الغذائي اليومي لدى من يعاني منه
الله يعطيكم الف عافيه
بتوفيق :g[108]: