يبدو أن الكثير من النساء يعانين من حالات الإجهاض التلقائي. ما مدى انتشارها ؟
الإجهاض أو خسارة الجنين (ويسمى أحياناً "الإجهاض العفوي أو التلقائي") هو فقد الحمل خلال أول أربع وعشرين أسبوعاً منه. للأسف إن هذا الأمر شائع على الرغم من صعوبة تحديد رقم دقيق، لكن يعتقد أن حوالي 15 بالمئة من حالات الحمل المعروفة تنتهي بالإجهاض. وفي كثير من الأحيان، تُسقط المرأة حملها قبل أن تدرك أنها حامل.
تحدث أعلى نسبة من حالات الإجهاض التلقائي خلال الأسابيع الـ 13 الأولى من الحمل وتنخفض النسبة بعد هذه الفترة.
كيف أعرف إذا كنت في خطر؟
حتى الحوامل الشابات البعيدات عن عوامل خطر الإجهاض المعروفة يمكن أن يتعرضن له. وتشير الأبحاث إلى أن المرأة تكون أكثر عرضة للإجهاض إذا كانت:
• تدخن
• تشرب أكثر من أربعة فناجين من القهوة يومياً
• قد عانت بالفعل من حالة إجهاض أو أكثر
• تعاني من وجود أورام ليفية (أورام حميدة في طبقة عضلة الرحم) أو من عيب خلقي في شكل رحمها
• تعاني من مرض الذئبة (داء جلدي يؤثر على البشرة والمفاصل وبقية أنحاء الجسم)
• تعاني من مرض السكري أو أمراض الكِلى أو الغدة الدرقية (لكن تقلّ كثيراً أخطار الإجهاض لو تمّ التعامل مع هذه الحالات والسيطرة عليها من قبل الأطباء)
• تعاني من العدوى في مرحلة مبكرة من الحمل مثل الحصبة الألمانية (الروبيلا) أو الليستيريا أو أي فيروسات أخرى يمكن أن تؤثر على الجنين.
كما يلعب السنّ أيضاً دوراً في ذلك. ويرتفع معدل حالات الإجهاض بدءاً من عمر 30 عاماً. تكون النساء الأكبر سنّاً أكثر عرضة لحمل أجنّة يعانون من عيوب في الكروموزومات وتكون حالات الحمل هذه أكثر عرضة للإجهاض.
ما هي أسباب الإجهاض التلقائي؟
لم يتمكن الأطباء بعد من تحديد سبب حدوث معظم حالات الإجهاض المبكر. ولعل ما لا يقل عن نصف حالات الإجهاض التي تحدث في الثلث الأول من الحمل تكون نتيجة عيوب في الكروموزومات ما يحول دون نمو الطفل بشكل طبيعي. أما حالات الإجهاض التي تحدث بعد هذه الفترة – أي بعد مرور 20 أسبوعاً على الحمل - فقد تكون نتيجة للعدوى أو لتشوّه في الرحم أو المشيمة، أو لضعف عنق الرحم، أي حين لا يكون عنق الرحم قوياً بما يكفي كي ينغلق بإحكام حتى يحين موعد الولادة.
مع الأسف، هناك اختباران يستخدمان للكشف عن التشوهات في الجنين وقد يسّببان الإجهاض، وهما سحب عيّنة من سائل المشيمة للكشف عن أي عيب جينيّ أو جنسي في الجنين وفحص عيّنة من الأنسجة المخصبة. يؤدي اختبار سحب عيّنة من سائل المشيمة للكشف عن أي عيب جينيّ أو جنسي في الجنين، والذي عادة ما يتمّ إجراؤه بين الأسبوعين الخامس عشر والثامن عشر من الحمل، إلى الإجهاض في حوالي واحد بالمئة من النساء. أما فحص العيّنة من الأنسجة المخصبة، والذي يتمّ بعد الأسبوع 12 من الحمل تقريباً، فقد يسبّب الإجهاض في واحد إلى اثنين بالمئة من النساء اللاتي يخضعن له.
كيف أعرف إذا كنت أمرّ بحالة إجهاض؟
من العلامات الأكثر وضوحاً الآلام التي تشبه ما تشعرين به خلال فترة الحيض بالإضافة إلى النزيف حاد، والذي قد يشتمل على تكتلات دم. مع ذلك، فقد يسقط حملك من دون أن تدركي الأمر خاصة خلال الفترة المبكرة من الحمل. وتظن العديد من النساء عن طريق الخطأ أن هذا الإجهاض دورة شهرية متأخرة.
كما لا يتمّ اكتشاف بعض حالات الإجهاض إلا خلال الزيارات الروتينية التي تتمّ قبل الولادة عندما لا تجد الطبيبة المختصة أي نبض لقلب الجنين.
لقد نزلت مني بعض بقع دم. هل هذه مشكلة؟
إن نزول بعض بقع الدم يعني فقد كميات صغيرة جداً من الدم. وقد تلاحظين وجود بعض نقط الدم على ملابسك الداخلية أو على ورق التواليت بعد التبوّل. إن نزول بعض نقط الدم في مرحلة مبكرة من الحمل أمر شائع. مع ذلك، لو لاحظت نزول بعض نقط الدم أو حدوث نزيف، عليك الاتصال بالطبيبة.
ماذا يجب أن أفعل للحدّ من مخاطر الإجهاض التلقائي؟ وهل يمكنني منع ذلك؟
أهم شيء يمكنك القيام به هو تناول جرعات محددة من حمض الفوليك على شكل أقراص قبل الحمل وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل. من شأن هذا تخفيض إمكانية حدوث الإجهاض والمساعدة على حماية الجنين من بعض أنواع العيوب.
على كل امرأة تدخن أن تقلع عن التدخين قبل أن تحاول الإنجاب. قد يكون الأمر من أصعب ما قمتِ به في حياتك، ولكنه بالتأكيد سيقلل من خطر تعرضك للإجهاض. إذا كنتِ حاملاً الآن، ما زال من المفيد جداً الإقلاع عن التدخين.
يجدر بك الحدّ من استهلاك الكافيين الموجود في بعض السوائل مثل المشروبات الغازية والقهوة. يجب ألا تتناول الحوامل أكثر من 300 ملغم من الكافيين يومياً، أي ما يعادل أربعة فناجين صغيرة من القهوة. إذا كنت قد مررت بحالة إجهاض مسبقاً، فقد تجدين أن الطبيبة المعالجة تقترح عليك الراحة قدر المستطاع خلال أول شهرين من الحمل. وقد تنصحك أيضاً بتجنب الجُماع أي العلاقة الزوجية الحميمة خلال الأشهر القليلة الأولى إلى أن يستقر حملك. في حال كنت تعتقدين أن هذا سيسبب لك مشاكل مع زوجك، اطلبي من الطبيبة أن تخبرك بالأمر بحضور زوجك حتى يدرك أهمية المسألة.
إذا كنت تعرفين مسبقاً أن لديك ضعفاً في عنق الرحم والذي كان السبب في حدوث حالات إجهاض من قبل، فمن المحتمل وضع عقدة (قطبة أو غرزة) خاصة حول عنق الرحم لإبقائه مغلقاً حتى الأسبوعين الأخيرين قبل موعد الولادة المتوقع. وهذا ما يسمى بعملية "التطويق".
مع الأسف، ليس هناك الكثير مما يمكن القيام به لمنع الإجهاض إذا كان قد بدأ بالفعل. إن التعامل مع حالة الإجهاض صعب جداً. من حقك أن تحزني كما شئت من الوقت لخسارة جنينك، وقد تجدين بعض الراحة لو عرفت أن معظم النساء اللاتي يتعرضن للإجهاض التلقائي يستطعن الحمل مرة أخرى، بل إن حملهن الجديد يكون طبيعياً ويستمر طيلة الأشهر التسعة كاملة.
لا يبدو أنني أستطيع التغلب على ما أصابني بسبب الإجهاض الذي مررت به. أين يمكنني الحصول على المساعدة؟
لا شك أن فقد الأم لجنينها أمر مأساوي حتى لو وقع في وقت مبكر من الحمل، كما أنه تجربة مُرَّة وأليمة. قد تجدين الراحة في التحدث عن الوضع مع والدتك أو أختك أو صديقة حميمة جداً، أو حتى مع امرأة أخرى جربت هذا الأمر من قبل، من دون أن تنسي دور زوجك. سلّمي أمرك لله تعالى فهذه إرادته وحكمته.