في كل صباح عندما نستيقظ نقول "الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور"..كما وصانا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما نستيقظ صباحاً سنةً أن نرددها...وأيضاً"الحمد لله الذي عافني في جسدي ورد علي روحي وأذن لي بذكره" هكذا علمنا محمد صلى الله عليه وسلم..
قد نقولها يومياً ولكن هل تمعنا يومٍ ما بها...-سبحان الله- الله يهدينا في كل يوم عمر جديد بكل حيثياته وبكل تفاصيله..وهنا علينا أن نقرر ماذا نفعل بهذا العمر الجديد المطل علينا في هذا الصباح,هل سنظل متعلقين في عمرٍ مضى حمل الألم والجرح وأيضاً حمل معه الحلم والطموح-حتى لا نجحف حقه- وحمل بين طياته الهزيمة وحمل أيضا الانتصار حتى ولو كان انتصاراً واحداً في كل عمرك الذي مضى..
ثم تدفق الدقائق ومن قبلها الثواني في بداية هذا العمر الجديد وكل دقيقة وثانية بل كل نفس جديد في هذا العمر سنحاسب عليه...
في بداية هذا الصباح الجديد الذي هو أصلاً بداية لهذا العمر الجديد..
عليَّ أن أفهم أنني أنا أنثى واعية ناضجة إلى حدٍ ما ,حتى لو كان حدود هذا النضج فقط هو النضج الجسدي,الذي يوحي أننا كبار..وبالطبع العقل ينضج مثله كسائر الجسد ينضج ذلك النضوج الحيوي..!!!
لكن هل أصبح ناضج فكرياً.....؟؟!
هل أصبح يمتلك الثقافية التي تؤهله لاتخاذ القرار الصائب..بما أنه قائد معركة العمر الجديد المتجدد دائماً.....؟؟!
ولن ننسى القائد المهم في حياة الأنثى,بل في حياة كل إنسان والذي له دور فعال وفعال في حياة البشرية ألم يقل رب العزة في كتابه الذي جعله تبياناً لكل شئ"فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى في الصدور"
إذن إنهما الثنائي قائدا معركة العمر الجديد..كلما ارتقيت بهما كلما ازدهرت بعمر جديد...
فإن أتاك جرح ما..ألماً ما...فاجعة ما...من سيقابل هذه الأشياء من سيستقبلها...
إنها حواسك بالتالي سيستقر في قلبك ويذيقك قلبك شعوراً ما يناسب هذا الجرح أو هذا الألم أو تلك الفاجعة...ثم سيفتح العقل ملفاً لهذه الحادثة بكل دقائقها وتفاصيلها..وفي كل لحظة ممكنة مناسبة لفتح الجروح يقوم العقل بفتح هذا الملف وبالتالي يرسله للقلب ليعاودك قلبك بذات الشعور الذي أذاقك إياه يوم جرحك أيا كان نوعه ولكن بالتأكيد لك طاقة كاملة لتستوعبه فالله لا يكلف نفساً زيادة عن طاقتها فقال عز وجل "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ " ونعود للعقل الذي لديه قدرة هائلة ليرسم لك نفس الصورة من ذلك الحدث ويصبح القلب يرى الأحداث من جديد وأنت بإرادتك تختار إذا أردت أن تكون أسير لهذا الحدث و هذه الصورة نعم هي الآن أصبحت مجرد رسوماً متحركة لها القدرة أن تلعب بمشاعرك لأنك كنت في تلك اللحظة فقط جزءاً منها أما بعد مُضيها أصبحت صوراً يستمتع الشيطان وهو يقلبها لك لتزداد ألم وتزداد حزناً وبالتالي تزداد فشل....
لذا يأتي هنا دور ثقافة القلوب والعقول...
كيف ربيت قلبك وعقلك..وماذا سقيتهما....؟؟!
وهنا حاذر كيف ستكون استقبلتها لأنها ستخزن في العقل كيفما استقبلتها إذن هي لحظة حاسمة في حياتك لتمضي نحو عمر جديد لاتوقفه المآسي أو الجراح إنما هي مجرد تجارب نعم مجرد تجارب,لن يكون دورها سوى الإرتقاء بنا في هذه الحياة بالتالي في تلك الحياة إلا وهي حياة الخلد(أسأل الله أن أكون وإياكم من خيرة أهلها ومما يدخلونها بغير حساب ..سمعونا ..آمين)
والله سبحانه وتعالى علمنا لم يتركنا هكذا ولكن يبدو أن علومنا تبقى نظرية لا نضعها في الفعل أبداً..
مثال يوضح الفكرة::...
أتاك نبأ مقتل زوجك في حادث مروع..هنا الحواس الأذنين...
رأيت زوجك في فراشك مع أخرى...هنا الحواس العينين...
هدم بيتك..حرقت سيارتك أو فاجعة معك ثلاثون ثانية لتختاري فاجعتك...
و أي حدث هو بالنسبة لكِ فاجعة هو بالنسبة لك وحدك ليس لغيرك لأنه لن يحمل لك غيرك سوي مشاعر الحزن والشفقة ومدتها لحظية..أو بسيطة لن تطول لأنه غيرك لن تهميه كثيراًً لأن الآخر له حياته بكل ما فيها..هو أيضاً يعاني ولكن حسب طاقته..المهم نعود لفاجعتك التي استقبلتيها..كيف استقبلتيها ....؟؟؟
هل ستستقبيلها بالحمد على كل حال وإنا لله وإنا إليه راجعون وبإبتسامة تلعب بشفتيك لأنك ذكرتي في الماضي القريب لحظات مرح مع ذاك الزوج أو الابن أو في ذاك المكان..
أم بالصراخ والعويل والندب وشق الثوب....
أو بالحمد والدمعات تترا على الخدين...
أو....أو.....
كل واحدة تتذكر كيف استقبلت فاجعتها أو تتخيل كيف ستكون ردة فعلها ...وحاذري سيدتي كل رد فعل سيسجل في ملف فاجعتك في ذاكرة العقل المذهل ويعرض على القلب...في هذه اللحظات الحاسمة هي التي ستحدد أي عمر جديد ستعيشين بعده..لأن كل كلمة لها طاقة إما تعمل معك أو تشتغل ضدك..هكذا خلقها الله الكلمات لها طاقات إما أن تحد من فاجعتك وتهونها أو تزيد منها وتصبح الفاجعة أضعاف..
لا تستمتعِ لحديث الألم لأنك كلما أنصتِ إليه إزداد عويله فزادك وجعاً فوق وجع..
تأملي عزيزتي هذه العبارة التي ولدت من خلال تجارب هذه الحياة إكتشفت وجودها في حياتي و أنا واثقة إنها في حياتك..
فلو استمريتِ في الاستماع إلى أهاتك ستزداد...
مثال يقرب إليكِ فكرتي..
عندما يكون شخص يحادثك ومستمتع في حديثه وأنتي منصتة جيدة له سيكمل وسيسرتسل..
بالضبط كذلك المشاعر إذا أرخيت لها أذنيكِ ستثور وتبدأ تقلب المواجع وتحرقك بنيرانها.. فلو استمريتِ في الاستماع إلى أهاتك ستزداد...
لذلك عزيزتي إذا بدأت تلك الآلام في الهجوم فالآه تولد الأخرى و الجرح يولد الجرح حتى الذي اندمل سيحيا في تلك الجلسة..ففي اللحظة التي تدركي نفسك فيها..
عدلي من جلستك وخذي نفساً عميقاً وأخرجيه وأستعيذي من الشيطان الرجيم لأنه في تلك اللحظات هو المايسترو الذي يدير هذه المأساة و يسرب إليك خبثه من خلال أفكارك المتواردة إليكِ.. إليكِ بعض جمله"لقد انتهيت...أنا ضعيفة..ذهب كل شئ...أنا وحيدة..ألخ...من هذه العبارات الإنهزامية التى تكسر من قواكِ..
أعود إليكن بعد الإستعاذة من الشيطان الرجيم..توضأي وصلي ركعتين ألم يكن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم"أرحنا بالصلاة يــابلال" تأملي الكلمة (أرحنا)..نعم سيدتي ستحجز ذلك اللئيم عنك وتوارد أفكاره وتعطيك نوع من الصفاء الذهني كي تعطيك نقطة إنطلاق جديدة لتفكير سليم..وتزيل تلك الفواضى فإستغلي هذه اللحظات في ترتيب أوراقك..من جديد..ونصيحة سيدتي لا تتعاملي مع هذه الأحاديث والآيات كأنها مقال من زمنٍ قديم مضى خلُقت هذه الآيات لهم فقط..لا سيدتي هي لنا أيضا فلنتمتع بهذه العلوم ونستفيد منها فهي علوم عظيمة..فلنتعامل معها بيقين..نعم بيقين حينها ستشعري بأثرها عليكي وعلى حياتك...
وزيدي على ما فعلت بدعاء الهم والحزن..
ثم الآن أنتي بعد الاستعاذة والاستغفار والصلاة والدعاء...أين أنتي.؟؟
أصبحتِ تمتلكي لحظة صفاء رائعة..
إذن..أياً كانت حالتك بعد الفاجعة عليك أن توقفي تفكيرك فيها وفي تفاصيلها طالما لن تستفيدي منها في شئ..سوى الألم..
وأدرسي نفسك سيدتي ماذا تمتلكين بعدها ...ماذا تمتلكين؟؟ماذا تمتلكين ...؟؟ ماذا تمتلكين..؟؟
حتما تمتلكين شئ ..تمتلكي صحة ..!ممتاز أنتي في أعظم نعمة..تمتلكي عقل؟! ..نعمة عظيمة أخرى..والنعمة الأعظم أنك مسلمة الآن...إذن كل شئ بعد ذلك يمكن إصلاحه أو استبداله أو الاستغناء عنه كلها طرق للتخلص من الألم أو المشكلة ولكن كل واحدة حسب مشكلتها.. وتبدأ يوم أن تقرري حملة التغير والإصلاح في حياتك..بدل أن تظلي حبيسة الآه والحسرة..
والأعظم من كل هذا أنتِ عندك اللــــــــــــــــــــــــه ..
الله رب العزة موجود هو الحي القيوم..لا تأخذه سنة ولانوم..لاتختلط على جلالته إختلاف اللهجات وكترة الحاجات..وإذا كنت تريدين شئ فالله موجود فعز وجل يخبرنا في كتابه العزيز الذي جعله تبياناً لكلِ شئ"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"
تأملي هذه الآيــة سيدتي وتعاملي معها بيقين كامل حتى تتحقق..
وسأخبرك أمراً عايشته في حياتي وينطبق على المعظم..
عندما تحل المصيبة تظنين أن الحيــاة توقفت ولكن الحيــاة لا تتوقف من أجل أحد..فهي لم تتوقف سوى في مخيلتك..
فلو توقفت من أجل أحد لتوقفت من أجل موت الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم-واللهم انتقم ممن أساء إليه-(سمعونا آمين)
أو لتوقفت من أجل مقتل يحيى عليه السلام ونبي الله زكريا عليهم سلام الله جميعاً..
نعم سيدتي..هذه الحقيقة..الحياة لم تتوقف من أجل أحد..إذن فلتخرجي من الزجاجة التى تحشرين نفسك فيها ..
فأعيريني سمعك سيدتي وبعضاً من المسئولية..
كفاكِ صراخاً على أمر فات وانتهى..فإن كان بإمكانك إعادة الأمر وإصلاحه فهيا قومي ولا تضيعي الوقت..
أما إن كان مستحيل فصمتاً وإبدئي من دونه..وإعلمي أن الخير في عدم وجوده..
وكفاكِ عويلاً وندباً وحسرة..ليس لأنك أزعجتني..لا..
لأنك حينها لستِ سوى روح يائسة تُخرج أنفاساً يائسة تُرهق أُمة هي أصل مثخنة مرهقة مملوءة جروح..نعم لقد زدتِ من عدد ضعفائها نفراً..نحن نحتاج إليك قوية.أمتنا أرهقها الضعفاء.. ولا تنسي"المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله"صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
هل يعجبك دور الضعيفة ..اليائسة..دور العالة على المجتمع..
أنا واثقة بأن ليس هذا ما ترغبين..لأنك ببساطة ستحاسبين على هذا الوقت الذي تقتلين ..نعم أن تقتلين دقائقك وتزيدين من هموم الأمة نعم ..نعم تزيدي منها.لأنك إنشغلت بألم أصبح من التاريخ الماضي من حياتك ونسيت نفسك وعبادتك ودورك..
فهيا انطلقي..
*جربي سحر الدعاء وإلزمي الإستغفار وإسألي الله أن يهديكِ إلي ما يحب ويرضى ثم يرضيكِ
*قال تعالى"وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)
*ثم إبدئي في السعى والبحث وتطوير ذاتك,أدرسي نفسك..ماذا تمتلكين..؟ماذا ينقصك..؟ماذا تحتاجين..؟إسألي واستشيري المختصين وإطرحي هذه الأمور مع نفسك أولاً فالإنسان فقيه نفسه وطبيبها..
*ثم تحركي للتغيير بهدوء ونعومة,وليس بعنف وضجة لأن طاقتك ستضيع في الحالة الهوجاء التي ستكوني فيها وفي الجلبة التي تحدثها الفوضى
لو قمتى بما سبق أبشري عزيزتي بعمر جديد مشرق بإذن الله طبعاً
أسأل الله أن نكون ممن يدخلون الجنة بغير حساب (سمعونا آمين)