لا تتوقف عن الحديث لتأخذ نفساً ، ولا لتشرب ماء ..
بينما أنتِ يجف حلقك وتشربين كأسين من الماء وتكادين أن تحسني إليها بمغادرة
المكان حتى لا تتمزق حبالها الصوتية..!
وإن كانت تجلس أمامك أمطرت على وجهك رشات من فمها..
وإن كانت تجلس بجوارك فالله يعوضك خيراً في رقبتك، لأنك ستلتفتين
إلى جهة واحدة إما يمينا أو يسارا طوال مكوثها معك ساعة أو أكثر الله أعلم..
فهي تعمل بدون وقود..! وما عليك إلا أن تقومي بعمل كمادات دافئة لرقبتك قبل النوم..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{ وإن أبغضكم إليّ وأبعدكم مني مجلسا يوم
القيامةالثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون..}رواه الترمذي، وقال:حديث حسن.
الآم الرأس ستلازمك عندما تجالسين الثرثارة، فالإنسان له طاقة تحمل وأنى
......................
له أن يتحمل سماع هذا الكم الهائل من الأحاديث السمجة التي لا تنتهي..؟
فإذا ابتليت بواحدة منهن فاعملي اشتراك مع شركة أدوية لمسكنات الصداع !..
تسبب الملل لمن حولها، فهي لاتدعك تشاركين في الحديث لتعبري
عن رأيك،وإن استمعت لك ففي نصف دقيقة فقط.. ! ثم تهدر عليك سيلا من
معاجم اللغة، فلا تشعري بمتعة ذلك المجلس لأنها تفسده على الجميع، الذين
لم يتمكنوا من بث أخبارهم والأنس ببعضهم، ولقد قيل:
(الحكيم من يتحفك بمعان كثيرة في ألفاظ قليلة،والثرثار من يضجرك بمعان
قليلة في ألفاظ كثيرة).ولو أنك قلتِ في نفسك: لن أجلس قريبا منها ولن
أتحدث إليها حتى أنجو من ثرثرتها، فإنها لاتتركك..!
فهي تبادر دائما بفتح باب الحديث أيِِاً كان،
لأنها تتنفس من لسانها فإذا سكتت اختنقت..!
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام
(إن الله يرضى لكم ثلاثا، ويكره لكم ثلاثا) وذكر منها
(ويكره لكم قيل وقال)،أي الخوض في أخبار الناس فما كره الله لك
فاكرهيه لنفسك فإنه يشينك ولا يزينك..
عندما ترى اثنتين تتحدثان ولم تشركانها في الحديث فإنها تتبرع وبكل
أريحية وتشارك بالمقاطعة والثرثرة دون أن تستشار، أو تترك فرصة لأصحاب
الشأن أن يكملوا حديثهم..!
لا يهمها إن كنت تستمعين لها أم لا فلو جربت أن تنظري إلى السقف
أوفي إشخاص آخرين، أو تقرأين في صحيفة، أو تتشاغلين بطفل ،أو بترتيب أشيائك،
فإنه لامفر منها إلا إلى الله..!
ستكمل حديثها بالرغم من علمها بأنك لاتركزين معها فهي لاتصلها
الرسائل غير المباشرة ولا المباشرة..فما عليك في هذه الحالة إلا أن تأخذي
بثيابك وتطلقي قدميك للريح وربما وجدتها تركض خلفك لتكمل حديثها لك..!!
الثرثارة امرأة هجر زوجها مجالستها لأنه تعب من حديثها المتواصل..
فهو يريد أن يتحدث أيضا، ويحب أن يستمع له أحد، كما يحب أن يريح أذنيه
ورأسه بعض الوقت لذلك كثيرا ماتراه ينام وهي تتحدث..أو يفكر في أمور
أخرى في الوقت الضائع..أو ينظر إليها باهتمام وفي أذنيه قطن..!
إذا اتصلت الثرثارة على هاتفك فإن كنت تطبخين فأطفئي النار حتى
لا يحترق الطعام..
......................
وإن كنت تدرسين أطفالك فقولي لهم :اذهبوا فسحة.. وإن كنت ستذهبين
إلى موعد فأجليه..وإن كان زوجك بجوارك فأخبريه أن بإمكانه أن يأخذ
غفوة وستوقظينه فيما بعد.. وتحملي آلام الأذن، وطول الإمساك
بسماعة الهاتف، وفوات مايأتيك من مكالمات مهمة..إلا إن كنت قوية
الشخصية وأظنك كذلك فما هي إلا كلمة تنهين بها معاناتك،
ولكن قوليها بحزم ( أنا مشغولة ) وأنهي المكالمة ، أيقظي زوجك،
وأخبري أطفالك بأن فسحتهم قدانتهت، ثم تنفسي بعمق وابتسمي..
فإن نجوت منها هذه المرة فهي على أمل ألا تفلتي منها في المرة القادمة،
فتعاود الاتصال في اليوم من 1- 3 مرات ! لأنها لاتشبع من الكلام
وتحسب أن الناس في انتظار مكالماتها وثرثرتها، فكلما جد لها أمر
اتصلت في نفس اليوم عدة مرات لتخبر به أوتسأل عنه منتهى الإزعاج!!
قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ) متفق عليه.
وهذه الاتصالات أذى للمسلمين باللسان واليد.
قال عطاء بن رباح (أتنكرون أن عليكم حافظين..كراما كاتبين..
عن اليمين وعن الشمال قعيد..ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد،
أما يستحي أحدكم إذا نشرت صحيفته التي أملاها صدر نهاره كأن
أكثر ما فيها ليس من أمر دينه)
الثرثارة إن لم تجد كلاما جديدا بعد أن أفرغت في أذنيك مافي
جعبتها فلا تظني أنك قد نجوت، لأنها ستبدأ بإعادة ماسردته عليك
سابقا، فأنت تسمعين الخبر منها ثلاث مرات، إنها تتنفس من لسانها..!
وإلا فما الحاجة لإعادة نفس الكلام عدة مرات لنفس الشخص..؟!
قال إبراهيم التيمي (المؤمن إذا أراد أن يتكلم نظر، فإن كان كلامه له
تكلم، وإن كان عليه أمسك عنه ، والفاجرإنما لسانه رسلا رسلاَ ).
ومعنى رسلا:أي لينا مسترخيا لاتؤده فيه.
كما أنها تنقل الكلام لمجرد نقله والتسلي به دون التثبت من صحته،
......................
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ماسمع )
رواه مسلم.
الثرثارة تشغلها توافه الأمور فهي فهي تعرف عن تفاصيل حياتك
أمورا لاتهتمين بها أنت لأنها من التوافه التي أعرضت عنها، والمسكينة
تبحث فيها لتتحدث عنها معك ومع غيرك، فتفاجئين بعرفتها واهتمامها بصغائر
الأمور في حياتك وحياة غيرك، والنبي صلى الله عليه وسلم قال( من حسن إسلام المرء تركه مالايعنيه )صححه الألباني.
فالثرثارة ماأصبحت كذلك إلا لأنها تتحدث في أمور لاتعنيها، وتتدخل
في شؤون الناس الخاصة، فتكثر أسئلتها ويكثر كلامها ولغوها وهذا كله بسبب الفضول الزائد..
فهل أدركت أن..
(الثرثرة فيها تضييع الزمان،وأنت محاسبة على عمل لسانك،
ولوهللت وسبحت لكان خير لك، فكم من مكلمة يبنى بها قصرا في الجنة،
ومن ترك ذكر الله واشتغل بمباح لايعنيه، فإنه وإن لم يأثم فقد خسر وفاته
ربح عظيم، فرأس مال العبد أوقاته، فإذا صرفها في الثرثرة فقد ضيع
رأس ماله..هناك أمور لو سكتِ عنها لم تأثمي، وإنك لو حرصت
في أحاذيثك على عدم الكذب والزيادة والنقصان، أو مدح نفسك أو غيبة
شخص، فأنت مع ذلك كله مضيعة لوقتك في الدنيا، ووقت من تحادثينه
لأنه مضطر للاستماع إليك زمنا طويلا..
كذلك أخيتي قد تكثرين من توجيه الأسئلة للناس بسبب الثرثرة والفضول
الزائد، فتسألين غيرك عن عبادتها مثلا، فتقولين لها :هل أنت صائمة..؟
فإن قالت لك: نعم..
كانت مظهرة لعبادتها فيدخل عليها الرياء، وإن لم يدخل سقطت عبادتها
من ديوان السر، وعبادة السر تفضل عبادة الجهر بدرجات، وإن قالت
:لا ، كانت كاذبة، وإن سكتت كانت مستحقرة لك، وتأذيت بها، وإن
احتالت لمدافعة الجواب فقد أتعبتها..
وهذا سيتكرر عندما تسألينها عن أمور تعلمين أنها تخفيها عنك، أو سؤالها
عما حدثت به غيرك، فتقولين لها: ماذا قلتِ لفلانة..؟ وما الذي دار بينكما..؟
وماذا قالت لك..؟
......................
لماذا الثرثرة ؟
...................
* الحرص على معرفة مالا حاجة إليه
* المباسطة بالكلام
* تمضية الوقت
* مجالسة الثرثارون
الحل ؟
اعلمي أن الموت قريب وأنك مسؤولة عن كل كلمة وعمرك في الدنيا ووقتك ثمين وقصير فلا تضيعيه بالتوافه
وأكثري من التوبة والاستغفار ومحاسبة نفسك واختصري كلامك بالقدر الذي
يؤدي مقصودك ؟..) (1)
فمن كثر كلامه قل احترامه وكثر خطؤه وكذبه.
تحيياتي لكن...|♥