بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسولِ اللهِ وعلى آلهِ وصحبهِ ومَنْ والاهُ، أمَّا بعدُ:
فَإنَّ مِمَّا تأسفُ له النَّفسُ كثيراً ، ويُدْمي القلبَ حَقًّا ، أنْ تَرى فِئاماً مِنَ الأُمَّةِ الإسلامية-هَداهم اللهُ- يَنساقونَ وَراءَ الأممِ الكافرةِ في أخلاقِها السَّيئةِ وأعيادهِا المنحرفةِ ، ومِمَّا يدخلُ في دائرةِ هذا الزَّخمِ الباطلِ : ظاهرةٌ غريبةٌ مريبةٌ برزتْ في السَّنواتِ الأخيرةِ ، ثُمَّ شاعتْ في أَقطارِ الدُّنيا ، وذَاعتْ في آفاقها ، وهي ظَاهرةُ الاحتفالِ بِـ(عيد الحبِّ ) ، أو ما يُطلقُ عليهِ (عيدُ العُشَّاقِ ) ، أو (يوم القديس فالنتين) ؛ تَشبُّها بذلك بأعداءِ الدِّينِ والملَّةِ الذين أَضلَّهم اللهُ وطمسَ على بَصائِرهم ، ومحاكاةً لهم في خَصائِصهم الَّتي يَتَّسمونَ بها ؛ وجَرياً على سَننِهم المخالفةِ لمنهاجِ النُّبوةِ .
وَكَمْ حذَّرَ رَسولنا الكريمُ : رَسولُ الرَّحمةِ والهدايةِ-صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ- أُمَّتهُ من هذه الكبكبةِ الفاجرةِ والهُوَّةِ السحيقةِ- قبلَ ما يَربو على أربعةِ عشر قرناً مِنَ الزَّمانِ- إذْ يقولُ-فداه أبي وأمي- :
((لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ)) [1].
وَ قَالَ-صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- : ((لاَ تَتَرُكُ هذِهِ الأُمَّةُ شيْئاً مِنْ سُنَنِ الأَوَّلِينَ حَتَّى تَأْتِيَهُ)) [2] .
يقولُ الإمامُ ابنُ عبد البَرِّ-رحمهُ اللهُ - :
((وَكَانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ و سَلَّم يُحذِّرُ أصَحابَه وسائِرَ أُمَّتَه مَنْ سُوءِ صَنيعِ الأممِ قَبلَه ، وَ يُخبرهم بما في ذلكَ مِنْ سَخطِ اللهِ وغَضبهِ ، وَأَنَّهُ مما لا يَرضاه ؛ خَشيةً عَليهم امتثالَ طُرقِهم .
وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يُحبُّ مُخالفةَ أَهلِ الكتابِ وسائرِ الكُفَّارِ ، وَكَانَ يَخافُ على أُمَّتِه اتباعَهم .
أَلا تَرَى إلى قَولِه صَلَّى اللهُ عَليهِ و سَلَّم على جِهةِ التَّعييرِ والتَّوبيخِ ( ( لتتبعنَّ سُننَ الَّذينَ كَانوا قَبلكم حَذْو النَّعلِ بالنَّعلِ حَتَّى إِنَّ أَحَدَهم لو دَخَلَ جُحْرَ ضَبٍّ لَدخلتموه ) ) ؟!))[3].
وإنَّ كُلَّ غَيورٍ مُشفقٍ على أُمَّتهِ ، لَيتأكَّدُ عليه-لزاماً- أنْ يَبعثَ لأولئكَ المحتفلينَ بذلكم العيدِ البغيضِ بِرسالةٍ حانيةٍ ، مِلؤها الرّحمةُ والمحبَّةُ ، يُناشدهم فيها باللهِ أنْ يُراجعوا فيها أنفسهم ، وما اجترحتْ أيديهم ؛ مِمَّا يُغضبُ اللهَ-جلَّ وعلا- ، ويُنزلُ سخطهُ- .
وهَا أنا ذَا أَبعثُ إليهم بهذه الرِّسالةِ ؛ انطلاقاً من قوله-سبحانَهُ- حكايةً عَنْ أنبيائهِ وخيارِ عبادهِ- : {... إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }[الأعراف : 59] ، وقولهِ تعالى : {وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ }[غافر : 32] .
فما رأيكن أنتن بيوم الحب؟؟؟؟؟؟؟