السؤال:- بالنسبة لحماس؛ كيف تقرأ قرارها بعدم اعتبارها غزة إمارة إسلامية على غرار حركة طالبان؟
الجـواب
هذا الإنحراف العميق في داخل كل التنظيمات التي تنسج نفسها على طريقة الإخوان المسلمين أصاب حماس، وهي منهم، وقد قلت لك سابقاً أنا أحب الإخوان وقت التضييق عليهم لأنهم يوضعون أمام اختيار واحد وهوالإختيار الشرعي، وحماس أمام دولة يهود ليس لهم إلا خيار الجهاد، وللذكر فليس هذا اختصاصاً بحماس ، فكل التنظيمات الفلسطينية تبنت خيار المقاومة، والإسلامية تقول الجهاد، ولذلك لا فضل لحماس في هذا الإختيار، ولكن نحن نحب حماس وأحبتها الأمة لأنها جعلت المعركة إسلامية، لا كبقية التنظيمات العلمانية، ومع حماس الجهاد الإسلامي، ولكن السلوك السياسي للإخوان هو نفسه الذي تمارسه حماس، فهي للأسف قد ربطت نفسها بقوى غير إسلامية، وجعلت نفسها ضمن لعبة المصالح في المنطقة.
وأنا أذكرك-بارك الله فيك- أن الجماعات يحكم عليها من خلال قادتها لا غيرهم، ومن خلال إتجاههم العام، والمراقب اليوم لحماس يراها في نفس السياق الإخواني، مع الإعتذار لكل الشهداء منها وكل الصادقين في دينهم وجهادهم فيها، لكن هذا هو الواقع، والكذب حرام ولا شك .
حماس حرمت في البداية بفتوى شرعية الدخول في الإنتخابات تحت سقف إتفاقية أوسلو الخيانية المجرمة، ثم دخلوا الإنتخابات ونجحوا بإنشاء حكومة تحت هذا السقف الخبيث، وكان ما كان من ضياع جهودهم بعيداً عن الجهاد، والقصة معروفة، وكان ما كان من استيلائهم على غزة وهي فرصة ربانية أعطيت لهم لكن فشلوا فيها وخانوا أمانة الدين والشرع.
قطاع غزة صار تحت أيديهم دون أي إلتزام دولي، ودون سقف أوسلو، ودون منّة من أحد وبلا إلتزام حزبي ضمن لعبة الديمقراطية الكافرة فما هو الواجب الشرعي حينئذ لو كانوا يعقلون؟ الجواب: هو الحكم بالشرع وإعلانها إمارة إسلامية، وغزة ولا شك أكبر من المدينة المنورة التي بدأت فيها دولة الإسلام الأولى، وبهذا الإعلان تحمِّل حماس الأمة الإسلامية في غزة نتائج وضريبة البراءة من الطاغوت، وهم حينئذ ولا شك سيحصل لهم بدر كما ستحصل لهم أحد، وستحصل لهم الخندق، بل ربما صاروا إلى الأخدود، ولكن ستكون معركة إيمانية صريحة يومذاك : ولكن حماس خانت دين الله، وخانت أمانة الله، وفرطت في دماء الشهداء، بل إن أحد قادتها قال:- نحن لن نحكم غزة بالشرع بل بالقانون، وهم ما زالوا إلى الآن يعلنون إعترافهم بقيادة المجرم المرتد محمود عباس(( أبو مازن)). فهل هذا من الإسلام في شيء؟ الجواب: هذه جاهلية صريحة لا إسلام فيها، وكل عذر يأتون به يستطيع أي طاغوت معاصر أن يقوله اليوم ليعتذر به عن تركها للحكم بما أنزل الله وتركه الجهاد في سبيل الله.
لقد كانت حماس ترتفع في عين الله – فيما أحسب -، وترتفع في أعين الناس بسبب الشهداء والتضحيات والصلابة في الحق، ولكن أقولها وملئي حزن أن حماس فشلت في معركة الإيمان الكبرى، ولم تتجاوزالعقبة، ولن يخرجوا من هذه المرحلة اليوم بانتصار ولا برفعة ولا بفخار، بل سيكون هذا الإمتحان دليلاً على أنهم لا يستحقون الخلافة في الأرض، ولا الإمامة التي وعدها الله بقوله (( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون )).
أنا أقول هذا الكلام وأنا محيط بمعاذيرهم وحججهم الواهية، ولكن أقول لكل مسلم صادق: إن ضريبة الجاهلية أشد وأشقى من ضريبة الموت في سبيل الله ( قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذاً لا تمتعون إلا قليلاً)) وإن المصالح التي تزعمون تحقيقها بترك الحكم بما أنزل الله وإعلان قطاع غزة إمارة إسلامية ستعود وبالاً عليكم وعلى المسلمين تحت إمرتكم والتاريخ سيشهد على ما أقوله هنا وهو الحكم بيننا وبين كل من يتخلى عن الحق مقابل الوهم الخادع.
لقد اختارت طالبان طريق الشهادة، أعلنتها إمارة إسلامية، وتحملت التكاليف وأعذرت إلى الله، فهذا وسعنا، وهذه طاقتنا، وذهبت طالبان، لكنها ذهبت نقية في معركة إيمانية هي كحذو القذة بالقذة مع خبر الله تعالى في أهل الأخدود كما في سورة المعارج، وقال الملا عمر كلمته الإيمانية المجيدة: " هنا وعدان؛ وعد الله ووعد بوش، وأنا أثق بوعد الله" والأيام قادمة وسيرى الناس لمن العاقبة بين الفريقين.