الأخطاء الشائعة في اللغة العربية
من كتاب الأخطاء الشائعة في اللغة العربية
تأليف محمد العدناني عضو شرف في مجمع اللغة العربية الأردني
باب الهمزة
(1) لم يدرِ أوسيمٌ جاء أم تميمٌ
يقولون: لم يدرِ أجاء وسيمٌ أم تميمٌ . والصواب: لمْ يدرِ أوسيمٌ جاء أم تميمٌ؛ لأن همزة الاستفهام هنا هي لطلب التصور، وهو إدراك التعيين. والتعيين هنا بين وسيم وتميم، وليس بن المجيء وتميم.
ومثله قولهم: سواء أكان الخطيب مهندساً أم طبيباً. والصواب: سواءٌ أمهندساً كان الخطيب أم طبيباً. فالهمزة هنا للتسوية بين المهندس والطبيب، وأحدهما يجب أن يأتي بعد الهمزة مباشرة.
(2) لابد للعرب من استرداد فلسطينَ، طال الزمن أم قصر
لابد للعرب من استرداد فلسطينَ، سواءٌ أطال الزمن أم قصُر
ويخطئون من يقول: لابد للعرب من استرداد فلسطين، طال الزمن أم قصر. ويقولون إن االصواب هو: لابد للعرب من استرداد فلسطين، سواءٌ أطال الزمنُ أم قصُر. ويستشهدون بقوله تعالى في الآية 193 من سورة الأعراف: {سواءٌ عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون}. وقد جاء ( سواء ) متلوة بالهمزة وأم ست مرات أخرى في القرآن الكريم.
ولكن:
(أ) جاء في النحو الوافي: "يصح في الأسلوب المشتمل على (أمْ) المتصلة الاستغناء عن الهمزة بنوعيها ( همزة التسوية وهمزة التعيين )، إن عُلِم أمرُها، ولم يوقع حذفها في لبس، فمثال حذف همزة التسوية: سواءٌ على الشريف راقبه الناس أم لم يراقبوه؛ فلن يرتكب إثما، ولن يقع في محظور".
(ب) أما مثال حذف همزة التعيين، فقول الشاعر عمر بن أبي ربيعة:
بدا ليَ منها مِعصمٌ حين جمَّرت ** وكفٌّ خضيبٌ زُيِّنتْ ببنانِ
فوالله ما أدري، وإن كنت دارياً ** بسبعٍ رميتُ الجمرَ أم بثمانِ
يريد: أبسبعٍ أم بثمانٍ. (التجمير: رمي الحصى، وهو من مناسك الحج).
(ج) يقول ابن مالك في ألفيته في حذف الهمزة:
وربما أُسقِطتْ الهمزةُ إنْ ** كان خفا المعنى بحذفها أُمِنْ
(أُسقِطتْ: حُذِفت). يريد: قد تُحذف الهمزة بشرط ألا يؤدي حذفها لخفاء المعنى، والوقوع في اللبس.
(د) تُحذف الهمزة إذا كانت (أمْ)، التي تأتي بعدها، منقطعة تفيد الإضراب، مثل (بلْ)، كقوله تعالى في الآيتين 2 و 3 من سورة السجدة: {تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين، أم يقولون افتراه}. وقد جاء في تفسير الجلالين: "تنزيل القرآن لا شك فيه من رب العالمين، بل يقولون افتراه محمد".
(ه) قال الأخطل:
كَذَبَتْكَ عينُك أم رأيتَ بواسطٍ ** غلسَ الظلامِ من الرَّبابِ خيالا
أي: أكَذَبَتْكَ عينُك.
(و) قال ساعدة بن جُويّة:
يا ليت شعري، ولا منجى من الهرَم ** أم هل على العيشِ بعد الشيب أم ندمِ؟
وفي رواية أخرى: ألا منجى، وعليه تكون (أمْ) متصلة لا منقطعة.
وأنا أفضل أن نستعمل أولى الجملتين المذكورتين في صدر المادة رقم (2)، لأنها أكثر اختصاراً، ولا يوقع حذف الهمزة فيها في لبس.
(3) مِنَ الآنَ، مِنَ الآنِ
ويخطّئون من يقول: منَ الآنِ، وإلى الآنِ، وحتى الآنِ؛ بجر الآن بالكسرة. ويقولون إن الصواب هو: منَ الآنَ وإلى الآنَ وحتى الآنَ، معتمدين على قول الخليل بن أحمد الفراهيدي، أستاذ سيبويه: "الآنَ مبني على الفتح. تقول: من الآنَ نحن نصير إليك، فتَفتحُ الآنَ؛ لأن الألف واللام إنما يدخلان لعهد. والآنَ لم نعهده قبل هذا الوقت، فدخلت الألف واللام للإشارة إلى الوقت، والمعنى: نحن من هذا الوقت نعمل".
ومعتمدين أيضا على قول العالم النحوي إبراهيم بن السّري الزَّجّاج، المتوفى سنة 311 ه : "الآن منصوبة النون في جميع الحالات، وإن كان قبلَها حرف خافض (جارّ)، كقولك: منَ الآنَ".
ولكن جلال الدين السيوطي ذكر في الجزء الأول من "همع الهوامع" (باب الظرف ، صفحة 207)، جميع الآراء المختلفة حول الظرف (الآن)، ثم قال ما نصه: "المختار عندي القولُ بإعرابه؛ لأنه لم يثبت لبنائه علة معتبرة، فهو منصوب على الظرفية، وإن دخلته "مِن" جُرَّ. وخروجه عن الظرفية غير ثابت".
وفي شرح الألفية لابن الصائغ: إن الذي قال إن أصله "أوان" يقول بإعرابه، كما أن "أواناً" معرب.
أما في القرآن الكريم، فقد جاء ظرف الزمان (الآنَ) وعلى نونه فتحة ثماني مرات. منها قوله تعالى في الآية 9 من سورة الجن: {َمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً}.
لذا أرى أن الأفضل إبقاء ظرف الزمان (الآنَ) مبنياً على الفتح: لأن ظرفيته غالبة لازمة، أي: لا يخرج عنها إلا في القليل المسموع. ولكنني لا أرى وجهاً لتخطئة من يقول بإعراب (الآنَ)، ما دام السيوطي وابن الصائغ يقولان بذلك، وما دام ابنُ مالك يقول: ظرفية (الآنَ) غالبة لازمة، وقد يخرج عنها إلى الاسمية.
(4) الإناء وَ الآنِيَة
ويقولون: وضعتُ الوردة في الآنيةِ. والصواب: وضعتُ الوردة في الإناء، لأن الآنية هي جمع إناء. أما كلمة الأواني فهي جمع الجمع. وقال تعالى في الآية 15 من سورة الدهر: {وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا}.
(5) أوان
ويقولون: يزورنا فلان في هذه الآونة من كل صباح. والصواب: يزورنا في هذا الأوان من كل صباح؛ لأن (آونة) هي جمع (أوان). و (الأوانُ) هو: الوقتُ والحينُ. وكسر الهمزة في (أوان) لغة. ويجمع سيبويه الأوانَ على: أوانات.
ويجمع بعضهم كلمة (أوان) على (آئنة) و (آينة).
ولا أستحسن استعمال هذين الجمعين الغريبين.
أما قولهم: فلانٌ يصنعه آونةً، فيعني: أنه يصنعه مراراً ويدعه مراراً.
وربما صح أن نقول: يزورنا فلانٌ في هذه الآونة من كل صباح، إذا كان يزورنا كل صباح مرة ثم ينصرف، ثم يزور وينصرف ثلاث مرات على الأقل في الصباح الواحد. وهذا النوع من الزيارة المتكررة في صباح واحد يكاد يكون مستحيلاً. وهذا حملني على تخطئة مثل هذا القول.
(6) يا أبتِ
ويقولون: يا أبتي ! والصواب: يا أبتِ ! لأننا عندما حذفنا الياء من: يا أبي ! عوضنا عنها بالتاء، ولا يجمعُ بين العِوَض والمُعوَّضِ عنه. والمختار في نداء الأم والأب، أن يُقال: يا أمّهْ ويا أبهْ ! موقوفاً عليهما بالهاء. ويستحسن أيضا أن نقول: يا أبتِ ! ويا أمّتِ ! بكسر التاء في الكلمتين، ويا أبتَ ! ويا أبتاهْ !
ويقال في نداء الأب أيضا: يا أبتا ! ويا أباتَ ! كقول الشاعر:
تقول ابنتي لما رأتنيَ شاحباً ** كأنكَ فينا يا أباتَ غريبُ
أراد يا أبتا، فقدم الألف وأخر التاء، وهو قلب مكاني.
(7) لنْ أزورَه أبداً
ويقولون: ما زرته أبداً. والصواب: ما زرته قطُّ (راجع قطُّ في حرف القاف)، أو لنْ أزورَهُ أبداً؛ لأن (أبداً) ظرف زمان للمستقبل، ويدل على الاستمرار، كما جاء في الآية 22 من سورة التوبة: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً}. وقد يقيّد هذا الاستمرار بقرينة، كقوله تعالى في الآية 27 من سورة المائدة: {قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا}.
وقد أخطأ الأمير عبيد الله الميكالي حين قال:
لك في المحاسن معجزات جمّة ** أبداً لغيرك في الورى لم تُجمعِ
(يتيمة الدهر، الجزء الرابع، صفحة 355).
(
هذا الإبطُ، هذه الإبطُ
ويخطّئون من يقول: هذه الإبطُ تؤلمني. ويقولون إن الصواب: هذا الإبطُ يؤلمني.
ولكن المعجم الكبير نقل عن اللحياني قوله: إنّ الإبطَ مذكر، وقد يؤنث، والتذكير أعلى.
وكسر الباء في الإبط لغة (إبِط). وجمعه: آباط. وهو باطنُ المنكب للناس والدواب.
وفي الحديث: "ما من عبدٍ يرفعُ يديه حتى يبدوَ إبْطُهُ، يسأل اللهَ مسألةً، إلا آتاه إياها ما لم يعجلْ"
(9) لا يؤبه له وبه
ويخطّئون من يقول: فلان لا يؤبه به. ويقولون إن الصواب: فلانٌ لا يؤبه له. أي لا يُحتفلُ به لحقارته، استناداً إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ربَّ أشعثَ أغبرَ ذي طِمرَين، لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبرَّه". واستناداً إلى قول المعاجم أيضا؛ فقد جاء في اللسان والتاج والمعجم الكبير: إذا أردنا بالفعل أبِـَه (بفتح الباء وكسرها): فَطِنَ، يجوز أن نقول: أبِـَه له وأبِـَه به. واللام أفصح. ولكنّ الوسيط يجيز أبِـَه له و به إذا حمل الفعلُ معنى: لا يلتفت إليه لخموله أو حقارته. (راجع مادني "لا يخفى على القراء" و "أعتقد").
(10) المأتم
ويطلقون كلمة (المأتم) على النساء يجتمعن في الأحزان. والصواب أن تُطلق على النساء يجتمعن في الخير والشر، كما قال الصحاح والتاج ومدّ القاموس والمعجم الكبير. وقد قال الأساس: غلب (المأتم) على جماعتهن في المصائب.
واستشهد الصحاح والتاج والمد بقول أبي عطاء السندي:
عشية قام النائحات وشقِّقتْ ** جيوب بأيدي مأتمٍ وخدودُ
أي: بأيدي نساء. واستشهدوا أيضا بقول أبي حية النميري:
رمتهُ أناةُ من ربيعة عامر ** نؤوم الضحى في مأتم أي مأتمِ
يريدُ: في نساء أي نساء. ويقول المصباح: "المأتم: اسم مصدر وزمان ومكان من الفعل (أتَمَ ، أتِمَ): أقام. ومنه قيل للنساء يجتمعن في خير أو شر (مأتم) مجازاً، تسميةً للحال باسم المحل. قال ابن قتيبة: والعامة تخصه بالمصيبة فتقول: كنا في مأتم فلان، والأجود: في مناحته". ولست أرى أن كلمة (المأتم) عامية، وأرى كما يرى التاج أنّ المأتم هو: كل مجتمع من رجال أو نساء، في حزن أو فرح. أما جمع المأتم فهو: مآتم، وأنا أوثر استعماله في الحزن.
(11) الأثاثُ
يقول الفرّاء: الأثاثُ هو متاع البيت، ولا واحد له. ويرى معظم المعاصرين رأي الفرّاء. ولكنّ أبا زيد والأزهري والجوهري وابن سيده والفيروزأبادي يرون أنّ الأثاثَ يشمل المتاع والعبيد والإبل والغنم. والواحدة: أثاثةٌ. قال تعالى في الآية 74 من سورة مريم: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِئْياً} . وجاء في تفسير الجلالين: هم أحسنُ مالاً ومتاعاً ومنظراً.
(12) أثّر فيه أو به
ويقولون: أثّر فلانٌ عليه تأثيراً كبيراً والصواب: أثّر فلانٌ فيه أو به تأثيراً كبيراً، أي: جعل فيه أثراً وعلامةً. وقد نقل إلينا التراجم حرف الجر (على) من الإنكليزية والفرنسية.
قال علي – كرم الله وجهه – يذكر فاطمة، رضي الله عنها: "... فجرَّت بالرّحى حتى أثّرتْ بيدها، واستقت بالقربة حتى أثّرت في نحرها".
وقال عنترة:
أشكو من الهجر في سر وفي علنٍ ** شكوى تؤثر في صلدٍ من الحجرِ
(راجع مادّتي "لا يخفى على الفرّاء" و "اعتَقَدَ").
(13) بكى من شدة التأثر
ويقولون: بكى فلان من شدة التأثير. والصواب: بكى من شدة التأثر.
أما التأثير فيهو مصدر الفعل ( أثّرَ ). نقول: أثّر فيه تأثيراً = ترك فيه أثراً.
(14) مُؤْجِرٌ وَ مُؤَجِّرٌ
ويخطئون من يقول: أجّرَهُ الدار، فهو مُؤَجِّرٌ. ويقولون إن الصواب هو: أَجَرَهُ الدار فهو مُؤْجِرٌ؛ لأن المعاجم كلها تقول إن الفعل هو: أَجَرَ إيجاراً لا أجَّرَ تأجيراً.
ولكنّ مجمع اللغة العربية القاهري ذكر في "المعجم الكبير"، الذي أًصدره عام 1970 م. أنَّ أجَّرَ الدار ونحوها يعني: أَجَرَها، ثم قال إن كلمة ( أجَّرَ ) مولّدة، وقياس المطاوعة لـ ( فَعَّلَ ) هو ( تَفَعَّلَ ).
وهنالك الفعلُ ( آجَرَ ) بمعنى ( أَجَرَ )، ولكنّ اسم الفاعل منه هو مُؤْجِرٌ أيضاً، لا مؤاجرٌ حسب القاعدة.
ونقولُ: أُجرةُ العاملِ أو أَجرُهُ لا إيجارُهُ. وإيجارُ الدارِ لا أُجرتها. وقد جاء في الآية 51 من سورة هود: {يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً}. وجاء في الحديث: أعطُوا الأجيرَ أجْرَهُ قبل أنْ يجف عَرَقَه.
(15) آخذهُ بذنبه ، أخذهُ بذنبه
ويقولون: آخذه على ذنبه. والصواب: آخذه بذنبه مؤاخذةً: عاقبه عليه. جاء في الآية 225 من سورة البقرة: {لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ}. وقد جاء الفعلُ: آخذه بكذا، بمعنى عاقبه على كذا، سبع مرات أخرى في القرآن الكريم.
ويجوز أن نقول: أخذه بذنبه، وقد جاء في الآية 40 من سورة العنكبوت: {فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ}. وجاء الفعلُ: أخذه بكذا، بمعنى عاقبه على كذا، إحدى عشرة مرة أخرى في القرآن الكريم.
وجاء في الآية 48 من سورة الحج: {وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا}، أي: أخذتُها بالعذاب، فاستغنى عن ذكر العذاب لتقدم ذكره في قوله في مطلع الآية السابقة: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ}.
وفي الحديث: "من أصاب من ذلك شيئاً أُخِذَ به"، أي عوقب عليه.
(16) سافر في الطائرة لا خذ الطائرة
ومن الأخطاء الحديثة الشائعة، ما انتقل إلينا من الترجمات الحرفية عن الإنكليزية، كقولهم: خذ الطائرة، بدلاً من: سافر في الطائرة، أو اركب الطائرة.
وشبيهٌ به قولُهم: خذ وقتك، بدلاً من: تأنَّ ، أو تمهَّلْ.
(17) مُؤْخِرُ العينِ ومُؤَخَّرها ومُؤْخِرَتُها وآخِرَتُها
ويُخَطِّئ الأزهري من يقول: نظر إليه بمُؤَخَّر عينه، ويقول إن الصواب هو: نظر إليه بمُؤْخِر عينه، أي: طَرَفِها الذي يلي الصُّدْغَ. ولكنّ أبا عبيد والمصباح والتاج أجازوا تشديد الخاء ( مُؤَخَّر ) على قلة.
ولم تذكر نسخة كلكتّا من القاموس سوى ( مُؤَخَّر العين ). ويجوز أن نقول أيضاً: مُؤْخِرَة العين وآخرتها. والجمع: مآخر. أما قسم العين الذي يلي الأنف فهو: مُقْدِمُها. والجمع: مقادِم.
لذا يجوز أن نقول: مُؤْخِرُ العين ومُؤَخَّرُها ومُؤْخِرتُها وآخِرَتُها.
(18) إذا هو قُبالةَ الأسدِ
ويقولون: فإذا به قبالة الأسد وجهاً لوجه. والصواب: فإذا هو قبالةَ الأسد. ولا حاجة بنا أن إلى أن نقول: وجهاً لوجهٍ؛ لأن كلمة ( قبالة ) تحمل هذا المعنى. جاء في الآية 20 من سورة طه: {فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى}.
(19) إذا مات القائد، لا سمح الله ، حدث كذا
ويقولون: إذا – لا سمح الله – مات القائد، كانت الخسارة فادحة. والصواب: إذا مات القائد – لا سمح الله – كانت الخسارة فادحة؛ لأن الجملة المعترضة يجب أن تأتي بعد أن تُذكر الجملة ( مات القائد )، المضافة إلى ( إذا ) وقد أخطأ الصاحب بن عباد حين قال:
فإنْ عسى ملت إلى التباطي ** صَفَعتُ بالنعل قفا بُقراطِ
فإقحام ( عسى ) هنا بين ( إنْ ) وشرطها ليس ضرورة من ضرائر الشعر، وهو حشوٌ وُضع لإقامة الوزن، دون أن تكون له قيمةٌ لفظية أو معنوية.
(20) أَذِن له في السفر
ويقولون: أذن له بالسفر. والصواب: أذِنَ له في السفر. أي أباحه له؛ لأن معنى ( أَذِنَ بالشيء) هو: عَلِمَ به.
وفعله: أَذِنَ يأْذنُ إذْناً وأَذَناً وأَذَانةً: عَلِمَ. وقد قال تعالى في الآية 279 من سورة البقرة: {فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ} أي: كونوا على علم.
وأَذِنَ له في الأمر يأذنُ إذْناً وأَذِيناً: أباحهُ لهُ. وأَذِنَ له وإليه: استمع معجباً.
(21) إنْ مدحتني إذاً أمدحُكَ
ويقولون: إنْ مدحتني إذن أمدحَك (بفتح الحاء). والصواب: إن مدحتني إذاً أمدحُك (بضم الحاء)؛ لأن (إذن) لا تنصب الفعل المضارع. إلا إذا كان في صدر الجملة، وكانت متصلة بالفعل. فإذا قال لك أحدهم: أريد أنْ أمدَحَك. قلت له: إذن أشكُرَك، بنصب المضارع؛ لأن الفعل بعدها خالص للاستقبال، وليس بينها وبينه فاصل.
ويُنصب الفعل المضارع أيضاً بعد ( إذَنْ ). إذا فُصل بينهما بالقسم. أو ( لا ) النافية. نحو: إذن واللهِ أشكرَك (بفتح الراء). وقول الشاعر:
إذن والله نرميَهم بحربٍ ** تُشيب الطفل من قبل المشيب
بنصب الفعل ( نرمي ). ونحو: إذن لا أزورَك (بفتح الراء).
أما كتابتها فقد أوجب ( الفرّاء ) أن تُكتبَ بالنون، إذا نصبت الفعل المستقبل. فإذا توسطت وكانت ملغاة، كُتبت بالألف ( إذاً).
(22) استأذنه في كذا
ويقولون: استأذن منه. والصواب: استأذنه في كذا، أي: سأله الإذن، حسب رأي المُحكم واللسان واللسان والمصباح والقاموس والتاج ومد القاموس والمعجم الوسيط والمعجم الكبير وقد جاء في الآية 86 من سورة التوبة: {وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ الطَّوْلِ مِنْهُمْ}.
ويقال: استأذنتُ فلاناً لكذا.
وفي الآية 62 من سورة النور: {فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ}.
أما استأذن على فلانٍ، فمعناه: طلبَ الإذنَ في الدخول عليه.
(23) قطَّعَه إرْباً إرْباً
ويقولون: قطعه إرَباً إرَباً. والصواب: قطّعَه إرْباً إرْباً، أي عضواً عضواً. وقد يأتي ( الإرْب ) بمعنى ( الحاجة )، و( الدهاء والبصر بالأمور ). و ( الدِّين ). و( العقل ) أيضاً.
أما كلمة الأَرَب، فمعناها: ( الحاجةُ ) و ( العقلُ ).
ويقولون: قطَّعتُ الحبل إرْباً إرْباً. والصواب: قطَّعتُ الحبل قِطَعاً قِطَعاً. ولا يقال ( إرْب ) إلا للعضو في الإنسان. أو الحيوان؛ لأن كلمة ( إرْب ) معناها: عضوٌ مُوَفَّرٌ كاملٌ.
وجمع الإرْب: آرابٌ وأرْآب.
(24) المُترَفون و الإتراف
لا الأرِستُقْراطيون و الأرِستُقْراطية
ويقولون: الأرِستُقْراطيون و الأرِستُقراطية. ويقترح الدكتور مصطفى جواد أن نقول: المُترفون والإتراف. وأنا أؤيد اقتراحه، لأن معنى: أتْرَفَتْهُ النعمة: أبطرتْهُ، والأرِستُقراطية تُبطر أبناءها.
ومن الأسباب الوجيهة التي أوردها الدكتور جواد:
( أ ) الأرِستُقراطية كلمة يونانية مركبة من لفظين هما "أرِستُوي" أي: العظماء، و "كراتوس" أي: السلطان، ثم استعمِلتْ لحكم العظماء والأغنياء. وهي كلمة طويلة ثقيلة.
( ب ) جاء في الصِّحاح: أتْرَفَتْهُ النعمةُ: أطغتْهُ.
( ج ) جاء في اللسان: المُتْرَف: المُتوسِّع في ملاذ الدنيا وشهواتها. وهو الذي أبْطَرَتْهُ النعمة وسَعَةُ العيش.
( د ) أورَدَ خمس آيات عن المترفين، منها قوله تعالى في الآية 16 من سورة الإسراء: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً}.
والمُتْرَفون هم: المُنَعَّمون.
ولا نستطيع استعمال كلمة ( أرستقراطية )، إلا بعد أن يوافق على ذلك أحد مجامعنا. ومعجم القاهرة لم يذهرها في معجميه "الوسيط" و "المعجم الكبير"، ولم يذكرها المحيط وأقرب الموارد ومتن اللغة، وهي من المعاجم الحديثة أيضاً.
>>>>> يـتـبــع <<<<<