إنك تستطيع -بعون من الله- أن تملأ حياتك سعادة، وتكسوها ألوانا من البهجة، وتلبسها صنوفا من الفرح والسرور.
فهيا لا تستسلم للألم، ولا تركن للهم، ولا تسلم قيادك للغم؛ فالوجود جميل، ولا تزال الحياة مملوءة بما يبعث على السعادة ويدعو للسرور.
فاترك الهم إذا ما طرقك *** وكل الأمور إلى من خلقك
وإذا أمل قوم أحدا *** فإلى ربك فامدد عنقك
وأعجب كل العجب لماذا المسلمون -بالذات- في أحيان كثيرة يحملون الهموم؟ ولماذا يعطرون الجو أمام أعينهم بعطر رائحته خبيثة إنه عطر اليأس والقلق؟!
نعم أعجب؛ لأنه على الرغم من أن لدينا معشر المسلمين عوامل السعادة والراحة لكننا أفقدنا أنفسنا إياها..
ورحم الله من قال:
عجبت من أمة ربها نور، ونبيها نور، وكتابها نور، وما زالت تتخبط في الظلمات.
لماذا تقلق؟!
اعلم أن الإنسان منا.. أنا وأنت نقف اللحظة -هذه في ملتقى طريقين أبديين، الماضي الفسيح الذي ولَّى بغير رجعة، والمستقبل المجهول الذي يطارد الزمن، ويتربص بكل لحظة حاضرة..
ولسنا بمستطيعين العيش ولو بمقدار جزء من الثانية في أحد هذين الطريقين، ولذا دعنا نرضى بالعيش في الحاضر الذي لا يمكن أن نعيش إلا فيه، وكما يقولون: عش في حدود يومك فقط.
ولك ولغيرك حل من المشكلات دائما، فإذا كانت لديك مشكلة تبعث على القلق
1- اسأل نفسك: ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدث لي!!
2- هيئ نفسك لقبول أسوأ الاحتمالات.
3- ثم اشرع في إنفاذ ما يمكن إنفاذه.
يقول الكسيس كارليل وهو دكتور حائز على جائزة نوبل في الطب: "إن رجال الأعمال الذي لا يعرفون كيف يكافحون القلق يموتون مبكرا ".
فهل تريد أن تموت مبكراً؟! لا ما أحسبك تريد ذلك مطلق
هل تدري أن القلق والخوف منه يسبب التوتر للأعصاب واحتداد المزاج، ويؤثر في أعصاب المعدة، واضطرابات القلب والأذن والصداع، وبعض أنواع الشلل؟، وهذا ما أكده الأطباء بالفعل.
هل لك في أن تسأل نفسك هذه الأسئلة - بداية:
" لماذا يساورني القلق؟!
" ماذا أستطيع أن أفعل للقضاء على القلق؟!
" ما هي أفضل وسيلة أتخذها للقضاء على القلق؟!
" متي أبدأ في تنفيذ هذه الوسيلة؟!
حياتك من صنع أفكارك.
سئل أحد الصالحين يوما: ما الاسم الأعظم، فأشار إلى السائل، وقال: إرادتك الذاتية، نعم لديك إرادة تحطم الجبال، فلا تدع الهموم تحطمك.. أنت أقوى من الجبال!!
وردد مع الشاعر قوله، وكلك تفاؤل وأمل في أنك ستتفوق:
لأستسهلن الصعب أو أدرك المني *** فما انقادت الآمال إلا لصابر
فكِّر في السعادة، واصنعها ولو بالابتسام تجد السعادة ملك يديك، وفكِّر أنك على خير عميم لا تشعر به، فاشعر به، وحدث نفسك به، وانظر إلى أحد من أصابهم القلق، فلقد كان يقول يوما:
كـاد القلق يبددني هبـاء *** لأن قدميَّ افتقدتا حذاء
إلى أن صادفت من يومين *** شخصـا بلا ساقين
نعم قل الحمد لله على ما عندي، وتقدم وابذل واعمل ولا تتكاسل على الأقل شكراً لنعمة الله عليك.
من وسائل قهر القلق:
" الدعـاء.
ترنم بكلمات الدعاء وبنسائمه/
الأمان، الأمان.... يالروعة الأمان *** إذ يسكبه في نفوسنا الرحيم الرحمن.
إليك اللهم أدعو أن تحيطني بالأمان *** فياضا، غامرا، تملأ القلب والجنان.
إن ديننا دين يمسح الآلام، ويحطم الهموم والأحزان
ديننا يمسح عنا حزننا وأسانا
ما أجمل أن ننهى بلسان فصيح
إلى الله، في صلاتنا، شكوانا
لله كم من طريق، تنكبناه، صحيح
لله كم من العذاب زاد بلوانا
لأننا لم ندع بلسان فصيح
اللهم يا ربنا سدد خطانا.
" القـرآن الكـريم:
فهو شفاء من أمراض القلوب والأبدان، ولقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - إذا اشتدت عليه الأمور قرأ الآيات التي فيها ذكر السكينة.
" الذكـر:
قال تعالى: "الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" [الرعد:28]، يقول ابن القيم سمعت ابن تيمية يقول:
الذكر للقلب كمثل الماء للسمك فكيف يكون السمك إذا فارق الماء!!!..
" الاستغفار:
ورد عن أبى داود والنسائي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب".
عندما تستمع لهذه الكلمات ستكتشف أنك ترتكب غلطة مروعة، وقد تكون دأبت عليها طيلة حياتك، تلك هي أنك تواجه الدنيا ومعاركها جميعها وحدك وبمفردك، دون أن تتخذ من الله سبحانه وتعالي سندا أو معينا، فلك زاد في الاستغفار والتعلق بالله تعالى.
" الصّـــلاة:
ولقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة " رواه أحمد وأبو داود، هل تذكر آخر مرة لما أصابك همّ أو حزن هرعت إلى الصلاة، فهيا تزود من الصلاة للدفاع عن نفسك ضد الهم والقلق والأحزان، واسجد بين يدي ربك خاشعا داعيا متبتلا وخاضعا، ترجوه وتطلب منه ما تشاء وما تريد.
الصلاة:
" تعينك على التعبير بأمانة عما يشغل نفسك.
" تشعرك بأنك لست منفردا بحمل مشكلاتك وهمومك.
" تدعوك إلى العمل والإقدام.
" بل إنها الخطوة الأولى نحو العمل.
" الترفيه وسيلة للخروج من الهموم والقلق، لكن فرق كبير بين ترفيه وترفيه، تفهم أي ترفيه يمكن من خلاله تحقيق السعادة دون عصيان لله، وستجد من يعاونك على ذلك من الصحبة الصالحة، الطيبة، ثم ثق بالله واعتمد عليه، واعط بدنك قسطا من النوم والراحة، استمتع بالقرآن، انظر إلى الجانب البهيج للحياة، وثق بعد هذا أن الصحة والسعادة والراحة من نصيبك،
فإننا لا نحس بالقلق أثرا، عندما نعكف على أعمالنا، ولكن ساعات الفراغ التي تعقب العمل هي أخطر الساعات، فانخرط في المذاكرة وانشغل بها ولا تكسل.
نادي من أعماق قلبك يا رب...... يا رب