رد: **تعطر بالاستغفار حتى لا تفضحك رائحة الذنوب**
اقوال السلف في الاستغفار :
قال أبو موسى - رضي الله عنه - : كان لنا أمانان من العذاب ذهب أحدهما - و هو الرسول صلى الله عليه و سلم - فينا و بقي الاستغفار معنا فإن ذهب هلكنا .
و قال الربيع بن خثيم : " تضرعوا إلى ربكم و أدعوه في الرخاء فإن الله قال : من دعاني في الرخاء أجبته في الشدة و من سألني أعطيته و من تواضع لي رفعته و من تفرغ لي رحمته و من استغفرني غفرت له " .
و سئل سهل عن الاستغفار الذي يكفر الذنوب فقال :" أول الاستغفار الستجابة ثم الإنابة ثم التوبة فالاستجابة أعمال الخوارج و الإنابة أعمال القلوب و التوبة إقباله على مولاه بأن يترك الخلق ثم يستغفر الله من تقصيره الذي فيه " .
قال ابن الجوزي : " إن إبليس قال : أهلكت بني آدم بالذنوب و أهلكوني بالاستغفار و ب ( لا إله إلا الله ) فما رأيت منهم ذلك ثبت فيهم الأهواء فهم يذنبون و لا يستغفرون لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً " .
قال قتادة - رحمه الله - : " إن القرآن يدلكم على دائكم و دوائكم أما داؤكم فالذنوب و أما دواؤكم فالاستغفار " .
و قال علي - كرم الله و جهه - : " العجب ممن يهلك و معه النجاة قيل : و ما هي ؟ قال الاستغفار " .
و كان - رضي الله عنه - يقول ما ألهم الله - سبحانه و تعالى - عبداً الاستغفار و هو يريد أن يعذبه " .
و قال أحد الصالحين : " العبد بين الذنب و نعمة لا يصلحهما إلا الحمد و الاستغفار " .
و يروى عن لقمان - عليه السلام - أنه قال لابنه : " يا بني إن لله ساعات لا يرد فيها سائلاً فأكثر من الاستغفار " .
و عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : " طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً " .
و قال أبو المنهال : " ما جاور عبد في قبره من جارٍ أحب من الاستغفار " .
و كان الحسن البصري يقول : " أكثروا من الاستغفار في بيوتكم , وعلى موائدكم و في طرقكم و في أسواقكم و في مجالسكم فإنكم لا تدرون متى تنزل المغفرة ؟ "
و كان أعرابي يقول : " من أراد أن يجاورنا في أرضنا فليكثر من الاستغفار , فإن الاستغفار القطار " و القطار السحاب العظيم القطر .
و قال بكر بن عبدالله المزني : " انتم تكثرون من الذنوب فأستكثروا من الاستغفار , فإن الرجل إذا وجد صحيفته بين كل سطرين استغفاراً سره مكان ذلك " .
و قال ابن تيمية - رحمه الله - : " إنه ليقف خاطري في المسألة التي تشكل عليّ فاستغفر الله ألف مرة حتى ينشرح الصدر و ينحل إشكال ما أشكل , و قد أكون في السوق أو المسجد أو المدرسة لا يمنعني ذلك من الذكر و الاستغفار إلى أن أنال مطلوبي "
•••
- الفاظ وصيغ الاستغفار:-
هناك الفاظ للاستغفار جاءت في احاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ينبغي للمسلم ان يقولها و يستكثر منها اقتداء بالنبي لى الله عليه وسلم ومن هذه الصيغ
(( رب اغفرلي وتب علي انك انت التواب الرحيم ))
ومنها ((استغفر الله الذي لا اله الا هو الحي القيوم واتوب اليه))
ومنها ((استغفر الله واتوب اليه))
ومنها سيد الاستغفار (( اللهم انت ربي لا اله الا انت خلقتني وانا عبدك وانا على عهدك ووعدك ما استطعت اعوذ بك من شر ماصنعت ابو لك بنعمتك علي وابؤ بذنبي فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب الا انت ))
هذه هي الصيغ والالفاظ الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاحاديث الصحيحة وهناك صيغ اخرى والفاظ اخرى تؤدي نفس المعنى لا باس بها و لكن الأولى اتباع المأثور عن النبي صلى الله عليه و سلم
وهذه وقفة مع سيد الاستغفار سمى النبي هذا الدعاء بسيد الاستغفار وكما سبق فان للاستغفار صيغا اخرى لكن النبي صلى الله عليه وسلم خصه بهذه المنقبة سيد الاستغفار وبالتأمل في الفاظ هذا الاستغفار ما يحويه من معان نجد انه اشتمل على ما يلي :
اللهم انت ربي : اقرار الله عز وجل بتوحيد الروبية
لا اله الا انت : اقرار بتوحيد الألوهية
خلقتني وانا عبدك : اقرار من العبد بالعبودية والتذلل والخضوع لله عز وجل
وانا على عهدك ووعدك ما استطعت : اقرار من العبد بالتزام الطريق المستقيم و منهج رب العالمين قدر استطاعته واستفراغ الجهد في ذلك
اعوذ بالله من شر ما صنعت : لجؤ العبد وتحصنه بالله من جميع الشرور والاثام و المعاصي التي ارتكبها
وابؤ لك بنعمتك علي : اقرار العبد واعترافه بنعم الله عليه و تفضله و تكرمه على عبده بشتى انواع النعم التي لا تعد ولا تحصى
وابؤ بذنبي : اعتراف واقرار العبد بالذنب سواء كان هذا الذنب ذنبا معينا او الذنوب بصفة عامة
فاغفر لي فانه لا يغفر الذنوب الا انت : طلب المغفرة من الله عز وجل و التذلل بين يديه
فبالنظر الى ما اشتمله هذا الاستغفار من المعاني العظيمة سماه النبي صلى الله عليه و سلم سيد الاستغفار
• • •
أحوال و أوقات يستحب فيها الاستغفار :
الاستغفار مشروع في كل وقت , و هناك أوقات و أحوال مخصوصة يكون للاستغفار فيها مزيد فضل و من هذه الأوقات :
- بعد الفراغ من أداء العبادات :
و يستحب الاستغفار لما يقع فيها خلل أو تقصير في أداء العبادة قال الله عز و جل : ( ثُمَّ أَفِيضُواْ مِن حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاستَغفِرُوا اللَّهً إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {199} ) (1) .
وهذه الآية الكريمة جاءت في الحديث القرآني عن الحج خاصة بعد طواف الإفاضة فهنا يأتي الاستغفار لما يكن قد حدث من خلل أو تقصير في أداء العبادة .
كما شرع الاستغفار بعد الفراغ من الصلوات الخمس فقد كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا سلم من الصلاة المفروضة يستغفر الله ثلاثاً لأن العبد عرضة لأن يقع منه نقص في صلاته بسبب غفلة أو سهو .
- الاستغفار بالاسحار :
قد أثنى الله عز و جل على عباده الذين يستغفرون في هذا الوقت المبارك بقوله عز و جل ( الصَّابِريِنَ و الصَّادِقِينَ و القانِتِينَ و المُنفِقِينَ و المُستَغفِرِينَ بِالأَسحَارِ {17} ) (2) .و قال عز و جل : ( كَانُوا قَلِيلاً مِّن الَّيلِ مَا يهجَعُونَ {17} و بِالأسحَارِ هُم يَستَغفِرُونَ {18} ) (3) .
و قد جاء في تفسير قوله عز و جل حكاية عن يعقوب - عليه السلام - : ( قَالَ سَوفَ أَستَغفِرُ لَكُم رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ {98} ) (4) أنه أخر الاستغفار إلى وقت السحر (5) و السبب في فضلية هذا الوقت أن الله عز و جل يستجيب فيه الدعاء و يعطي فيه السائل و يغفر فيه للمستغفر .
عن أي هريرة - رضي الله عنه - أن الرسول صلى الله عليه و سلم قال : " ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : من يدعوني فاستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له " (6) .
عن خالد بن معدان : " يقول الله عز و جل إن أحب عبادي إلي المتحابون بحبي المتعلقة قلوبهم بالمساجد و المستغفرين بالأسحار " (7) .
- في ختم المجالس :
و ذلك عندما يقوم الإنسان من مجلسه خاصة إذا كان مع إخوانه أو في اجتماع أو في عمله , لحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت : ما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقوم من مجلس إلا قال : " سبحانك اللهم ربي و بحمدك , لا إله إلا أنت استغفرك ربي و أتوب إليك" , فقالت يا رسول الله ما أكثر ما تقول هؤلاء الكلمات إذا قمت قال : " لا يقولهن من أحد حين يقوم من مجلسه ! إلا غفر له ما كان في ذلك المجلس " (
.
فهذه فرصة عظيمة ينبغي ألا يغفل عنها المسلم خاصة في مجالسنا التي يكثر فيها الكلام و يقع من الإنسان فيها ما الله به عليم .
- الاستغفار للأموات :
كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال : " استغفروا لأخيكم و سلوا له التثبيت , فإنه الآن يسأل " (9) .
فما أحوج الميت في هذا الموقف العصيب إلى الاستغفار و طلب المغفرة من الله عز و جل له لذا كان النبي صلى الله عليه و سلم يستغفر للأموات إذا زارهم و وقف على قبورهم .
• • •
استغفار الأنبياء – صلوات الله و سلامه عليهم
الأنبياء و المرسلون هم صفوة الله عز و جل من خلقه ,و هم معصومون بعصمة الله عز و جل لهم , و على الرغم من مكانتهم و منزلتهم و قدرهم عند ربهم , و على الرغم من أنهم معصومون إلا أنهم تضرعوا إلى ربهم بالدعاء و الاستغفار طمعاً في مغفرة ربهم , قال الله عز و جل عن الأبوين عليهما السلام : (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) (1) .
وقال عز وجل حكاية عن نوح – عليه السلام : (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) (2) .
و قال تعالى أيضاً : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا ) (3) .
و قال عز و جل حكاية عن نبيه إبراهيم – عليه السلام - : (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ) (4) .
و قال الله عز و جل حكاية عن نبيه داود – عليه السلام - : (فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ) (5) .
و قال الله عز و جل حكاية عن نبيه سليمان – عليه السلام - : (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ) (6) .
و قال الله عز و جل حكاية عن نبيه – موسى عليه السلام - : (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (7) .
فإذا كان هذا حال الأنبياء – صلوات الله و سلامه عليهم – فكيف بنا ؟ و أين نحن من الاستغفار ؟
• • •
صيغ الإستغفار و التوبة من القرآن الكريم :
( رَبَّنَا إِنَّنَآ آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. ) (آل عمران 16)
( ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ.) (آل عمران 147)
( رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.) (آل عمران 191)
( رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ.) (آل عمران 193)
( رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ. )(الأعراف 23)
( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أرحم الراحمين (. (الأعراف151)
( رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ. ( (هود 47)
( َرَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ. ) (ابراهيم 41)
( رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ. ) (المؤمنون109)
( رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ. ) (المؤمنون118)
( رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي. ) (القصص16)
( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ. (ص35)
( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ. (غافر7)
( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ. (الحشر10)
(رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.) (الممتحنة5)
( رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. ) (التحريم
(رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا. ) (نوح28)
•
•
•